الصندوق الاسود للشرق الاوسط …
الصندوق الاسود للشرق الاوسط … تساؤلات مربكة حول استراتيجية واشنطن بالمنطقة … الاستقرار المفقود في مناطق الاحتلال الامريكي
أحمد عبد الباسط الرجوب
يبدو ان هوس رؤساء الولايات المتحدة وفرض النفوذ الامريكي على مناطق بعينها في هذا العالم يأتي من منطلق احادية القوة والذي طالما اعتقد به الامريكيون واداروا برامج صراعهم في بقع العالم الملتهبة وهى التي خرج منها الامريكيون مهزومين يجرون خلفهم القتلى والدمار في البنية التحتية لتلك الدول، ولكن اكثر ما تفاجئت به الادارات الامريكية المتعاقبة هو الشرق الاوسط حيث لا يقع الرؤساء الأميركيون في هذا الفخ في أي مكان في العالم أكثر مما يقعون فيه في الشرق الأوسط .. ولتسليط الضوء على موضوعنا ، نعرض قرائتنا بالشرح التالي سياقا منذ بروز الامبراطورية الامريكية على انقاض زوال وافول المملكة المتحدة ” بريطانيا العظمى في بداية خمسينيات القرن الغابر ” …
خاضت الولايات المتحدة ما يصل إلى 35سنة من الحروب في الشرق الأوسط الكبير وفي رأينا لم تفوز بواحدة منها ، سوف اتعرض في هذا المشهد التحليلي على فترات بعينها لفتح مكنون الصندوق الاسود للشرق الاوسط على الوجود الامريكي فيالمنطقة منذ بداية عهد الرئيس ايزنهاور والى عهد الرئيس كارتر مرورا بعهدي بوش الابن واوباما ، والسؤال هنا ما الأهداف الاستراتيجية للولايات المتحدة الأميركية في الشرق الأوسط؟ وكيف قامت واشنطن بتحديد هذه الأهداف وسعت لتحقيقها على مدى العقود الخمسة الماضية؟ وهل نحن اليوم أفضل حال مما كنا عليه قبل 20 أو 30 سنة؟ واليكم التفاصيل …
(1)
ايزنهاور 1953 – 1961
وهنا لا بد من التذكير بأن حقبة أيزنهاور كانت بداية التحول العالمي وافول الاستعمار البريطاني العجوز ، حيث استطاع جون فوستر دالاس وزير الخارجية القوي في عهد أيزنهاور بترسيخ العقيدة الليبرالية الأميركية في حق تقرير المصير القومي وموافقة حكومات الدول المستقلة حديثاً والذي سوف يحل محل الاستعمار البريطاني المغرور في ذاك الوقت. وقد أملت المصالح الأميركية على الإدارة الأميركية أن تسير وفقاً لمثل هذا النهجوعلى غرارة قد أعلن دالاس في حديث متلفز عام 1953 قائلاً “لا يمكننا تحمل أن يساء فينا الظن من ملايين البشر الذين يمكن أن يصيروا أصدقاء أقوياء للحرية”…
إن الحرب الباردة قادت الولايات المتحدة منذ خمسينيات القرن الغابر إلى أن تسير جنباً إلى جنب مع حكام المنطقة الذين رحبوا بصداقة الولايات المتحدة لكنهم كانوا ديكتاتوريين، مثل الشاه الإيراني رضا بهلوي. بيد أن اللحظة ذاتها شهدت تآمر الولايات المتحدة لصالح الشاه ضد الزعيم الإيراني المنتخب ديمقراطياً محمد مصدق ” الذي تسببت قراراته في تأميم شركات النفط ” في أزاحته في إنقلاب عليه يوم 19اغسطس / اب 1953 و الذي كان مخططا له من قبل عناصر المخابرات البريطانية والمخابرات الأمريكية وأطلقتالمخابرات البريطانية على العملية اسم عملية التمهيد (Operation Boot) بينما اطلقت المخابرات الامريكية على العملية اسم مشروع أياكس/أجاكس (TPAJAXProject) اعترفت المخابرات الامريكية بمسؤوليتها عنه عام 2013 … ، كما فُتن صناع السياسة الكبار بشعبية الزعيم المصري جمال عبد الناصر والذي رأى فيه أيزنهاور ودالاس في عبد الناصر الزعيم القومي الذي تحتاجه الولايات المتحدة في صفها لكي يحقق لها هدفاً منشوداً يوحي بأن دول الغرب في فترة ما بعد الاستعمار كانت أفضل فيما يتعلق بالعملية الديمقراطية من نظيراتها في المعسكر الشيوعي” ولكن من وجهة نظرنا لم تنجز امريكا تلك الغاية والتي تكمن دوما في أنه على الولايات المتحدة أن تبيع أقرب حلفائها….
(2)
كارتر 1977 – 1981
وبتحليل واقع الاحداث في فترة إدارة الرئيس كارتر فقد هناك حدثين في سنة1979 حددا مسار أميركا في الشرق الأوسط حتى وقتنا الحالي ، هذان الحدثان هما: الثورة الإيرانية والغزو السوفييتي لأفغانستان. وقد أدى هذان الحدثان لتشكيل قناعة لدى الزعماء السياسيين الأميركيين مفادها أن النفوذ الأميركي في الخليج العربي الغني بالنفط، الذي يعد أمراً لا تنازل عنه بالنسبة لهم، هو مكسب يجب العمل على حمايته بكل الطرق ، فقد عمل الرئيس كارتر على تبني سياسة القوة، معلناً أن الخليج العربي يمثل مسألة أمن قومي ومصلحة حيوية بالنسبة لأميركا وجريا على ذلك فكل رئيس جاء بعد كارتر، كل بطريقته الخاصة، حافظ على هذه القناعة. كما أن الكثير من التحركات الأميركية التي جاءت نتيجة لهذه الفكرة في منطقة الشرق الأوسط، كانت تهدف للمحافظة على هذا المعقل الاستراتيجي.
وتجدر الإشارة إلى أن هذين الحدثين الهامان ” الثورة الإيرانية والغزو السوفييتي لأفغانستان ” أوحيا للزعماء السياسيين الأميركيين بأن النفوذ الأميركي في الخليج العربي أصبح على المحك، وفي ذلك الوقت كان الجميع يعتقد أن مستقبل ازدهار الولايات المتحدة ورخائها مرتبط بشكل مباشر بضمان سيطرتها على نفط الخليج.
كما كان هنالك عامل إضافي مرتبط بالأوضاع الداخلية، يتعلق بضعف جيمي كارتر وهشاشة شخصيته. فمع نهاية ذلك العام، أي بين سنتي 1979 و1980، كان كارتر يُنظر إليه كرئيس ضعيف، ولذلك كان بحاجة لتقديم عروض قوة وإظهار صرامته. وعندما عرض هذا الرئيس مقاربته الجديدة التي عرفت باسم “عقيدة كارتر” في 1980 فيما تبين لاحقاً أنه آخر خطاب سنوي له حول حالة الاتحاد، كان كارتر يسعى لتقديم عرض يثبت من خلاله قوته، وكان أيضا بصدد رسم خط فاصل يعلن من خلاله أن الخليج العربي أصبح الآن منطقة سيقاتل الأمريكيون من أجلها، باعتبارها مسألة حيوية للمصلحة القومية الأميركية.
(3)
دبليو بوش 2001 – اوباما 2016
لقد استغلت الولايات المتحدة الأمريكية أحداث 11 سبتمبر 2001 وبقرار منفرد من الرئيس جورج بوش ونائبه ديك تشيني، ومروراً بوزيرالخارجية كولن باول ومستشارة الأمن القومي رايس، ومن ثم وزيرة الخارجية وانتهاءً بكبار المسؤولين في البيت الأبيض ووزارة الخارجية ومراكز صنع القرار الأخرى على اخذ القرار لاحتلال أفغانستان والعراق وفرض سياساتها على المنطقة وجدير بالذكر أنه بعد تعرض الولايات المتحدة لهجمات بطائرات مدنية استهدفت برجي التجارة العالمي في نيويورك، ومقر وزارة الدفاع “البنتاغون” في واشنطن، في 11 سبتمبر 2001، قامت أمريكا باحتلال أفغانستان في نفس العام، بتهمة إيواء حركة طالبان لعناصر تنظيم القاعدة، وأعلنت حينها “الحرب على الإرهاب”.
وفي عام 2003، احتلت الولايات المتحدة الأمريكية العراق بزعم امتلاكه لأسلحة نووية (وهو ما تبين عدم صحته فيما بعد)، وأطلقت في 6 نوفمبر/ تشرين الثاني من نفس العام، مشروع “الشرق الأوسط الكبير”، ومن نافلة القول في هذا المقام فقد طرحت اسرائيل مثل هذه المشاريع للمنطقة، وكان آخرها، بل أخطرها، رؤية رئيس وزرائها الأسبق وزعيم حزب العمل ذاك الوقت شيمعون بيريز في أوائل التسعينيات ل(الشرق الأوسط الجديد) التي عنون بها كتابه الشهير (The New Middle East) الذي نُشر في عام 1993، والتي كانت تطمح في الظاهر إلى جمع دول الشرق الأوسط في سوق مشتركة، كحل نهائي للنزاعات بين اسرائيل والعرب ويتم دمج إسرائيل في المنطقة بعدإعادة صياغتها وتشكيلها لتصبح الشرق الأوسط وليست (العربية)، وتصبح إسرائيل هي الدولة المهيمنة والمسيطرة على مقدرات المنطقة كونها رأس الجسر للمشروع الغربي الاستعماري منذ إقامتها في عام 1948 ، وهو الذي يعتبره محللون الشق الاقتصادي والسياسي والثقافي لما سمي “الحرب على الإرهاب”، واستهدف دولا عربية بعينها (ليبيا وسوريا والعراق)، ودولا إسلامية (باكستان وأفغانستان).
وفي سياق سياسة اوباما الشرق اوسطية فقد راهن أوباما بشكل كبير على موسكو وطهران، على مدى السنوات الخمسة سنوات الماضية، وخاصة الاتفاق النووي الإيراني والذي يبدو في الظاهر بأن الاتفاق كان يهدف إلى منع إيران من امتلاك السلاح النووي ولكن السبب الحقيقي في راينا أعمق من ذلك بكثير ، وهو إطلاق مسار جديد لإعادة إيران إلى حظيرة المجتمع الدولي، والسماح لها بلعب دور مسؤول في السياسات الإقليمية، ووضع حساباته ” اي اوباما ” بعيدًا عن حلفاء الولايات المتحدة التاريخيين فى الشرق الأوسط، إسرائيل والسعودية وتركيا، وذلك لخلق مساحة للروس والإيرانيين فى البنية الأمنية الإقليمية…
وفي هذا المنحي أوباما ليس أول رئيس أمريكى يراهن على الخصم، ففى عام 1953، عندما تولى الرئيس الأمريكى الأسبق، دوايت أيزنهاور، منصبه، سعى أيضًا لتحقيق الاستقرار فى الشرق الأوسط، من خلال ضم القوة الرائدة المعادية للغرب حينها: مصر بقيادة الرئيس الراحل، جمال عبدالناصر، حيث اعتقد أيزنهاور حينها أن جعْل مصر شريكًا فى الأمن الإقليمى أمر من شأنه تخفيف سلوك عبدالناصر وإغراؤه لضم العرب للغرب فى الحرب الباردة … وارتفعت سمعة الرئيس المصري إلى مستويات غير مسبوقة في العالم العربي. ولكن كيف قابل عبد الناصر مساعدة الرئس الأمريكي له؟ لقد رد الجميل بأن أصبح أكثر تطرفا وأكثر عدواة للغرب وأكثر ولاء للسوفييت.
(4)
الاستقرار المفقود في افغانستان والعراق
– العراق : وفي التفاصيل فقد أدى الاحتلال الأمريكي للعراق إلى توفير بيئة ملائمة لنمو الحركات الجهادية إذ اجتمع فيه بعدان يعتبران المغذي الأساسي لها، يتمثل أولهما في وجود قوة أجنبية “كافرة” تحتل أراضي المسلمين، والثاني في سقوط الدولة هناك وغياب سلطة سياسية مما ترك فراغا زاحم الجهاديون غيرهم في ملئه.
إن أهم مخرجات الاحتلال الأمريكي تمثلت في سيطرة التنظيم على مساحات جغرافية ومدن بأكملها وفرض سلطته عليها، ناهيك عن تجنيد أعداد كبيرة من العراقيين والعرب في صفوفه، وتطوره في فترة وجيزة من جماعة قليلة جدا تنضوي تحت قيادة الأردني أبي مصعب الزرقاوي في كردستان العراق، إلى تنظيم يضم عدداً من الفصائل، فتأسيس دولة العراق الإسلامية بعيد مقتل الزرقاوي الذي تعود بوادر فكرة تأسيس الدولة له ، فقد بدأ يفكر قبل مقتله بتأسيس إمارة في العراق، الأمر الذي تحقق على يد أتباعه بإعلان “الدولة الإسلامية في العراق” في عام 2006 ، وكان نتيجة لذلك ظهور تنظيم ” داعش ” وغيره من التنظيمات التكفيرية في سوريا ، والموضوع له شرح يطول … ..
– افغانستان : اما الوضع في افغانستان فمنذ نحو ستة عشر عاما غزت واشنطن البلاد، وقررت القضاء على حكم طالبان، ومن وقتها تحاول الحكومة الأمريكية هزيمة طالبان، لكنها خسرت المعركة، وبمجرد مغادرتها أفغانستان ستعود طالبان إلى السلطة. وليس ادل على ذلك مما ادلى به وزير الدفاع الامريكي جيمس ماتيس حين سئل في الكونجرس مؤخرا عن الخطوات الضرورية للربح في أفغانستان، قال: الفكرة هي خفض العنف إلى مستوى يمكن أن تديره القوات الحكومية الأفغانية بمساعدة من القوات الأمريكية والقوات المتحالفة معها في تدريب نظرائهم الأفغان وتوفير المعلومات الاستخباراتية والغطاء الجوي وربما العمليات الخاصة ، مما يعطي انطباعا بأنه ليس لدى الجيش الامريكي فكرة عما سيفعله في أفغانستان…
(5)
ترامب 2017 –
منذ مجيئ الرئيس ترامب الى البيت الابيض والعالم يحبس انفاسة من سياسته وتعاملة مع القضايا الحساسة ، وكيف ان سياسته تاخذ الطابع التجاري وكسب الاموال من الدول مقابل الحماية ، حيث كانت صفقة القرن التي ابرمها مع المملكة العربية السعودية ، وفي موقف اقليمي متازم وحتى لا اطيل فإن الموقف الامريكي تجاه اكثر القضايا حساسية هذه الايام هو عاصفة العاشر من رمضان الخليجية والتي فرضت فيها ثلاث دول من مجلس التعاون لدول الخليج العربية ومصر حصارا بريا وبحريا وجويا على دولة قطر والتي لا زالت ترواح مكانها وكنت قد تعرضت لهذا الموضوع في مقال بهذه الحيفة الغراء بأن الموقف الامريكي حمّال أوجه متغير ‘ مثل طقس لندن ‘ وهذا ما لاحظناه في بداية الازمة من تناقض التصريحات ما بين التغريدات الترامبية لسيد الابيض البعيدة عن ‘ السياسة الحقيقية Real Politics ‘ وما افضي به وزير خارجيتة تلرسون ، تصريحات تبدو للوهلة الأولى أنها صادرة عن جهتين متناقضتين يمثلان طرفي النزاع في الأزمة القطرية الخليجية الراهنة ، وهو ما أصاب طرفي الأزمة من جانب ، والمتابعين من جانب آخر، بحالة من الضبابية في تقييم الموقف الرسمي الأمريكي والذي لم يتضح حتى كتابة هذه السطور…
اما مواقفة ” السيد ترامب ” من القضية الفلسطينية ونقل السفارة الامريكية للقدس إنما يعكس التوجه الامريكي على مدار سنوات النزاع العربي الاسرائيلي بان الولايات المتحدة ليست جادة في مشروعها الديمقراطي، ولو أنها كانت كذلك، لسارعت قبل أي شيئ آخر إلى إغلاق ملف الصراع الفلسطيني الإسرائيلي الذي من دونه لا استقرار ولا أمن في المنطقة. وأن هدف واشنطن الحقيقي هو احتلال الشرق الأوسط الكبير لا تحريره ، والهدف النهائي هو السيطرة المطلقة على نفطه…
(6)
الخلاصة
وفي خلاصة لما قدمنا ، وحيث ان هذه الحروب الدائرة في منطقة الشرق الاوسط والتي دخلت عقدها الرابع، لم تنجح الادارة الامريكية للظفر بها إلى حد الآن. وهم ليسوا بصدد تحقيق الانتصار، والمشكلة هي أن القيام بالمزيد من المحاولات لن يؤدي على الأرجح لأية نتائج أفضل… هذه “الحرب الدائرة”، تجسد المساعي الأميركية المحمومة لفرض إرادتها على منطقة الشرق الأوسط، واستعمال قوتها الغاشمة للتحكم في الأوضاع المنطقة وتغيير مجرى التاريخ لفائدتها. وكان هنالك اعتقاد شائع بأن أميركا، حتى وإن لم تقم بإعادة تشكيل المنطقة بحسب نظرتها الخاصة، فهي تستطيع على الأقل تغييرها لتكون أكثر تلاؤماً مع المصالح الأميركية. ولكن في النهاية ما حصلت عليه الولايات المتحدة كان فقط المزيد من المشاكل الأمنية، والتدخلات العسكرية غير المثمرة، فضلاً عن منطقة تغرق بشكل مستمر في الفوضى. مما يؤسس الى القول بأن العقيدة العسكرية الأميركية يغذيها افتراض خاطئ بشأن قدرات ومدى فعالية القوة العسكرية ، حيث إن الافتراض بأن القوة إذا تم استعمالها بالشكل الكافي ستمكن من تحقيق الأهداف السياسية المرغوبة على مستوى العالم، هو اعتقاد خاطئ وخطير، مما يعطي انطباعا بأن القائمين على السياسة الخارجية الأميركية غير قادرين على تغييره.
وبالعودة الى ما تعاملت به الولايات المتحدة ابان عهد ايزن هاور مع خطوة الرئيس المصري الأسبق جمال عبد الناصر، حين أمم قناة السويس في يوليو/تموز 1956، وهو الحدث الذي نعتبره “إعلان استقلال مصر”، فقد طلبت بريطانيا من واشنطن الانضمام لها إلى جانب فرنسا في الحرب لاستعادة أهم مناطق الحقبة الاستعمارية، ولكن أيزنهاور اعترض على ذلك، ونصح ألين دالاس مدير وكالة المخابرات المركزية قائلاً “إن ذلك من شأنه أن يوحد العالم العربي ضدنا” …
وهنا يتبادر إلى أذهاننا السؤال التالي: ماذا لو كان جورج دبليو بوش قد تلقى نفس تلك النصيحة قبيل غزوه للعراق، فلربما كانت نصيحة مجدية وتجنبت المنطقة ما نحن فيه من مآسي الدمار والاستقرار المفقود…!!
وختاما استطيع القول مما قدمت في سياق مقالي بأن هذا الفشل الامريكي قد تورّط فيه كلا الحزبين الجمهوري والديمقراطي. فكل الرؤساء منذ كارتر، كل بطريقته الخاصة، أعاد المراهنة على نفس الاستراتيجية الامريكية وتعاملها مع ملفات الشرق الاوسط ، فكل رئيس منذ جيمي كارتر تبنى هذه الاستراتيجية وضاعف الرهان عليها. وفي نفس السياق كل رئيس أميركي تقريباً واجه مصيره المحتوم بالفشل، فابتدع أسلوبه الخاص لخوض هذه الحروب الشرق اوسطية ، ولذلك فعلى مدى العقود الثلاثة أو ما يزيد، حاول الامريكيون اتباع أسلوب إلحاق “الصدمة والألم”. والقيام بالغزو والاحتلال متوقعين نجاحهم في إعادة تشكيل المجتمعات، وحاولوا أيضا الدخول في المواجهة مع حركات التمرد والمجموعات الإرهابية، وحاولوا القيام بالحروب عبر وكلائهم، كما حاولوا أيضا تطبيق كل الطرق المتاحة لفرض القوة العسكرية … لكن على الرغم من تنوع هذه الطرق، إلا أنه من الصعب وصف أي واحدة منها كانت ناجحة أو جلبت أية نتائج تذكر..
السلام عليكم ،،،