في عيد الميلاد.. الفلافل والكبة بموائد الألمان!
وهكذا باتت سوق عيد الميلاد في بلدة شيلنغسفورست البافارية لا تضم كعك “ليبكوخن” والنقانق ومشروب النبيذ الساخن “غلوفاين” التي تشتهر بها، بل مأكولات كالفلافل والكبة، قدمتها عائلة “باليش” الدمشقية، وأقبل السكان الألمان على تناولها.
وقالت ميار باليس (20 عاماً) لتلفزيون “رويترز” فيما كانت تعد سندويشة فلافل داخل كوخ خشبي مزين بأشجار عيد الميلاد وبأقواس حمراء وأضواء بيضاء متحدثة باللغة الألمانية إنه “بالطبع أشعر بالارتياح هنا، لكن بالطبع ليس كبلدي”، مضيفة أن “الناس هنا لطفاء جداً وودودون للغاية، أجل، واللغة تبقى دائماً صعبة”، وهي تضحك.
وفي وقت باتت فيه حادثتا قتل واغتصاب اتهم لاجئان بارتكابها حديث الساسة ووسائل الإعلام مؤخراً، وهم يقلبون سبل إدماج أكثر من مليون لاجئ وصل للبلاد منذ العام 2015 وآثار وصولهم لألمانيا، لقي النشاط الذي تقوم بها العائلة السورية صدى طيباً لدى الزائرين للسوق، إذ رأوا فيه بادرة مبشرة لاندماجهم.
ويشارك طفلا العائلة الصغيران “شمس” (10 أعوام) و “سما” (9 أعوام) زملاءهما غناء أغاني عيد الميلاد الألمانية فيما يلبسان قبعات سانتا كلوز على منصة في سوق عيد الميلاد.
أما الأم شهناز، التي حضرت طبقي الفلافل والكبة، فتقول إنها فخورة بعائلتها التي تظهر للسكان المحليين بأنه يمكن للاجئين أن يكونوا منتجين.
وإلى جانب المشاركة المذكورة، نظم رب الأسرة منير باليش وهو فنان، مع ابنته “نوار” (21 عاماً) معرضاً تحت عنوان “سوريا بدون ألوان” يضم 15 لوحة يأمل من خلالها إيصال مشاهد من معاناة السوريين للزوار، والتعبير عما يجول بخاطرهم ومشاعرهم حيال ما يجري في بلادهم.
وقال الأب منير (53 عاماً) إنه “أريد أن يفهم الناس بالضبط المشاعر الحقيقية للناس الذين يعيشون في سوريا والذين يعيشون خارجها من السوريين، وما الذي مروا به”.
وبدا زائرو المعرض معجبين به، فقالت روت برينكمان-سايتز إن اللوحات أبكتها تأثراً، وعلى نحو خاص التي رسمها والد نوار، معبرة عن سرورها لأن الاندماج يحدث على هذا النحو بدون جلبة كبيرة، واصفة إياه بالأمر العظيم حقاً. وأضافت أن الأب يربط لوحاته برسالة سياسية.
ولا تخطط العائلة لاستخدام هذه اللوحات في إيصال رسالة للسكان المحليين فقط، بل ستبيعها وتتبرع بثمنها لمنظمة تعمل على معالجة الأطفال السوريين المصابين في الحرب.
فرار العائلة من دمشق واستقرارها في بافاريا
وذكرت صحيفة “نورد بايرن” الألمانية في تقرير لها الشهر الماضي عن المعرض أن عائلة “باليش” فرت من دمشق بعد أن انفجرت سيارة مفخخة مدمرة واجهة المبنى الذي كانوا يعيشون فيه، فبدأت الأم وأطفالها رحلة اللجوء الخطرة، ثم لحق الأب بهم بعد 3 أشهر.
وأشارت إلى أن مهندساً معمارياً يدعى “هورست دولينغر” عرض على مكتب الأجانب في مقاطعة “إنسباخ” شقة مفروشة لأجل اللاجئين عبر مكتبه، سرعان ما أسكن فيه زوجة منير وأطفالها، وعملت إحدى موظفاته على مساعدتهم في إتمام الإجراءات الحكومية وتسجيل الأطفال في المدارس، قبل قدوم الأب لاحقاً.
وأوضحت أن الطفلين الأصغرين داوما في مدرسة ابتدائية، فيما التحقت الفتاتان الأكبر سناً في البداية بصف اللاجئين بمدرسة مهنية، وستتمكنان نتيجة اجتهادهما من الدراسة في جامعة إنسباخ للعلوم التطبيقية، حيث ستقدمان هناك في ربيع العام القادم ما يثبت تمكنهما من اللغة، للحصول على القبول فيها. وأشارت إلى أنهما سبق وأن درستا في مجال العمارة في سوريا، وأنهما إلى جانب الإنكليزية أصبحتا تتحدثان الألمانية.