ألحافظ صبري كوتشة قضى حياته مدافعاً عن دينه
ألحافظ صبري كوتشة قضى حياته مدافعاً عن دينه
ريما أحمد أبو ريشة
((و ” ألحافظ ” تطلق على من يتم حفظ كتاب الله . شكل هذا الألباني الذي ولد في الثالث عشر من أيار سنة 1921 في قرية أورنيا قرب الحدود مع مقدونيا حالة عامة في البلاد التي خضعت للإستبداد والظلم وحكم الطاغوت . ولم يرضخ لأوامر السلطات وما انكسر أمام التهديدات . كما ولم تغير السجون والزنازين من مواقفه )) .
نشأ يتيماً قبل أن يتم العام الأول من عمره . فقد توفي والده إدريس في ثاني المدن اليونانية ” سالونيك ” التي قصدها للعمل .
رحّب بحبل المشنقة مرارا . فقد كان يكشف هويات العملاء والجواسيس ويبصر الناس بأهدافهم . وبدأ حياته إماماً في بلدة شكودرا سنة 1939 واستمر كذلك لمدة خمس عشرة سنة . فقد أمر الشيوعيون بنقله إلى قرية كروجا للحدّ من تأثيره سنة 1954 . ولما أصبحت كروجا مكان قدوم المسلمين من مناطق مختلفة للإستماع له . نقله الشيوعيون لبلدة نائية هي كافاجا . وعينوه مفتياً لا خطيباً فيها . وكانت المفاجأة عندما تمت توسعة جامع علي هايدريت وافتتاح خمسة عشر مسجداً آخراً فيها
شاهدت السلطات التي كانت تستعد لهدم الجوامع في كل أرجاء البلاد وهو ما فعله الدكتاتور أنور خوجا أن قدومه لكافاجا سبب مشكلة كبيرة لهم . فقد أعاد المسلمون فتح الجوامع المغلقة وازداد عدد مرتاديها بشكل ملحوظ . وليس في البلدة فقط بل وفي كل البلدات والقرى المجاورة . فنقلوه إلى كورسا البعيدة وسط استمرار مطالبات أهالي بعودته التي تمت سنة 1959 .
عاد إلى شكودرا التي كانت قبلة الدارسين في ذلك الوقت وعرفت ببلدة العلماء . ومن مسجد روس الصغير فيها تحدى شعار السلطات ” تربية الإنسان المعاصر ” . ولن ينسى أحد يوم السادس عشر من نوفمبر سنة 1990 عندما هبّ خمسة وخمسون ألفاً من سكان هذه المدينة التي تقع على الحدود مع جمهورية مونتينيغرو وأعادوا افتتاح المسجد الرصاصي الذي كان حلمه بعد إغلاقه من قبل السلطات منذ سنة 1967 حينما أصدرت حكمها بتجريم الدين بموازاة انتصار إسرائيل في حرب النكسة .
وفي العاشر من يناير سنة 1992 أعاد إصدار جريدة نور الإسلام . لتكون أول مطبوعة إسلامية منذ منتصف أربعينيات القرن المنصرم حينما منعت السلطات نشر أي مطبوعة دينية . ثم ترك رئاسة اتحاد ألبانيا الإسلامي ” المشيخة ” في بدايات سنة 2004 عندما اشتد به المرض .
وظل كذلك حتى أصبحت السجون مأواه منذ الرابع من حزيران سنة 1966 . وقضى عشرين سنة في سجون الطغاة .
وبعد سقوط حكم أنور خوجا الذي كان الإمام حافظ من أشهر مناهضيه . عاد لينشط من جديد وبقوة أكبر من ذي قبل . وظل مفتياً لألبانيا حتى توفاه الله يوم الثامن عشر من حزيران سنة 2004 في العاصمة تيرانا .