إما أن نتعلم من الإسرائيليين أو نعلمهم
إما أن نتعلم من الإسرائيليين أو نعلمهم!!
د. فايز أبو شمالة
تابعت المشهد عبر المواقع الإخبارية باللغة العبرية، حيث جلست أم الجندي الإسرائيلي الأسير في الصف الأول، ويقابلها رئيس الوزراء نتانياهو ومجموعة من أعضاء الكنسيت، في الجلسة التي خصصت لمناقشة تقرير مراقب الدولة عن الحرب الأخيرة على غزة، بعد أن تم رفض طلب نتانياهو بان تكون الجلسة سرية، حتى لا تستفيد حركة حماس من النقاش الدائر، ولاسيما أن تقرير مراقب الدولة قد اتهم نتانياهو ووزير حربه بأنه أخفى عن المجلس الوزاري المصغر المعلومات عن خطر الأنفاق قبل الحرب وأثناء الحرب، رغم حصوله على معلومات عن خطر الأنفاق منذ 2013، وعليه لم يجر مجلس الوزراء نقاشات استراتيجية حول الوضع في غزة، ولم يعرض تهديد أنفاق المقاومة على المجلس الوزاري المصغر إلا بشكل عام، ونادر، ولم يتأكد رئيس الوزراء ووزير الحرب يعلون عن وجود خطط عسكرية عملية لمواجهة الأنفاق.
نفي نتانياهو الاتهام، وادعى أن تهديد الأنفاق عرض بالتفصيل على المجلس الوزاري، وأن الجنود قاموا بواجبهم رغم عدم حصولهم على معلومات مسبقة عن مكان الأنفاق، ثم تحدث نتانياهو عن الجنود المفقودين، وقال: إنه على تواصل مع عائلات الجنود، ونقول لهم الحقيقة، وسنعمل على إعادتهم ودفنهم في إسرائيل.
وهنا قاطعت أم الجندي الأسير رئيس الوزراء نتانياهو، وقالت له: عار عليكم في الحكومة، ستذهبون يوماً إلى القبور، وستدفنون أعزاء عليكم بعد فترة، وستقفون في المناسبات تؤبنون القتلى من الجنود، إنهم بالنسبة لكم أرقام في تقارير، إن فقدان أولادنا لهو الدليل على نجاح أنفاق المقاومة الفلسطينية، أما أنتم، فبعد سنتين ونصف لم تناقشوا في المجلس الوزاري فقدان أولادنا، ولم تفعلوا شيئاً، ، وأضافت وهي تبكي: إن أولادنا أحياء، وليسوا جثثاً.
وهنا حاول عضو الكنيست ميكي زوهر أن يدافع عن موقف رئيس الوزراء، وأن يتحدث مع المرأة ببعض الكلمات، فصرخت في وجه قائلة:: أخرس، لا أسمح لحقير مثلك أن يجيب على أسئلتي، أنت أقل من التحدث معي، وألقت عليه جسماً وقع على مقربة من رئيس الوزراء.
هذه هي إسرائيل، وهذا حال قادتها مع بني جنسهم من اليهود!!
لقد اعتذر عضو الكنيست ميكي زوهر من أم الجندي الإسرائيلي المفقود هدار جولدن، وأعتذر لها نتانياهو عن سوء ظنها به، وهنا مربط الفرس الإسرائيلي الذي شد بأوتاد خشوع المسئولين الإسرائيليين وصمتهم أمام صرخات أم الجندي المفقود، لم يهددها أحدهم بقطع راتبها، ولم يهددوها بوقف المساعدات، لقد خروا جمعيهم سجداً تحت صرخاتها، يستعطفون رضاها، ويتلمسون عفوها، في درس إسرائيلي لن يرتقي إليه حاكم عربي لا يحتكم إلى الديمقراطية، فلا قداسة لمسئول في إسرائيل، ولا عبودية لأوامر القائد، ولا هز ذيل لأصنام البشر، فاليهود في إسرائيل سواسية بمقدار ما يقدموا لدولتهم.
على أرض فلسطين، تقف أم الأسير وأم الشهيد وأم الجريح على أبواب الوزراء، يتوسلون الراتب، وألسنتهم تردد: ربنا يطول في عمرك، وربنا يعطيك الصحة، وربنا يهديك على الخير، وربنا ينصرك على من يعاديك، وبارك الله في إحسانك علينا، وعطائك لنا، ما أكرمكم!!.
على أرض فلسطين، وبعد توسل وبكاء ونواح ورجاء واستعطاف منذ الحرب الأخيرة على غزة، يعلن مكتب فخامة الرئيس بأنه سيوافق على صرف مكرمة مالية لأمهات الشهداء، ولكن بعد وصول تبرعات المانحين، وشرط عدم اعتراضهم على الصرف.