مع تبسيط طرق الاحتساب وضغط الشرائح فقدت ضريبة الدخل تقريبا طابعها التصاعدي، ووصل الأمر إلى التفاهم مع بعض القطاعات على آلية اختيارية لدفع نسبة صماء على قيمة المشاريع والأعمال بغض النظر عن النفقات، أي مهما كانت نسبة الربح أو الخسارة. وهذا كله يبدو لأول وهلة وكأنه تقدم وعصرنة وتخفف من الآليات البيروقراطية المعقدة التي تستنزف جهد ووقت جميع الأطراف، لكنه من جانب آخر يعكس قلة الكفاءة وعجز المجتمع والدولة عن الوفاء بمتطلبات عملية معقدة كهذه، ومن مظاهره أيضا فساد الموظفين وشيوع المحسوبية والرشوات والتلاعب، والعكس ايضا الجور والظلم والتجاوز على الناس.
الهروب إلى الأمام بتبسيط أنظمة احتساب الضريبة إلى جانب الفشل أمام التهرب الضريبي خفض تحصيل الدولة من الضريبة إلى أدنى مستوى وتم تعويض ذلك بمصادر أخرى خصوصا تلك التي تفرض سلفا على السلع والخدمات وأصبح التحصيل من الضريبة على المحروقات “المدعومة” تزيد وحدها عن التحصيل من كل ضريبة الدخل!!
الحكومة تريد الآن زيادة مردود ضريبة الدخل بتخفيض سقف الاعفاء الشخصي وهذا قد يزيد قليلا دخل الخزينة لكنه لا يحل مشكلة التهرب الضريبي ولا تدني كفاءة التحصيل فنسبة التحصيل المفترضة نسبة للناتج المحلي الاجمالي يجب ان تكون أكثر من ثلاثة اضعاف ما يتم تحصيله حاليا. فكيف نحاصر التهرب الضريبي ونرفع كفاءة التحصيل دون اثقال كاهل محدودي الدخل.
اقترحت في مقال سابق التحول الى الاعفاء على النفقات (وليكن بسقف 28 الف دينار) بدل الاعفاء الأصم الحالي وهو 24 ألف دينار للأسرة زائد 4 آلاف دينار نفقات للتعليم والصحة فقط. وهذه الصيغة تحقق عدة أهداف أولها العدالة لأن الأسر تتفاوت في حجمها ومتطلباتها، وثانيا وضع الجهاز أمام تحدي التحديث والكفاءة وثالثا وهو مربط الفرس مكافحة التهرب الضريبي. ويمكن اضافة الاعفاء على سندات للاستثمار لتشجيع تحويل المواطنين فائض أموالهم الى صندوق خاص لهذه الغاية.
ان التهرب الضريبي لا يحدث عند الموظفين الذين تخصم الضريبة سلفا من رواتبهم ولا الشركات المساهمة الكبرى التي تملك حسابات نظامية لا مجال للتلاعب بها بل لدى الشركات الخاصة والأعمال التجارية والمهنية للأفراد ولا يكاد يوجد مهني أو صاحب عمل أو مؤسسة يشهر دخله الحقيقي ويدفع النسبة الصحيحة. ونحن نعرف ذلك جيدا في جميع القطاعات. والوسيلة الوحيدة لكشف حجم دخل كل فرد أو مصلحه هو ان يكون الطرف الآخر الذي دفع له مصلحة في الكشف عما دفعه فاذا كان اعفاء المكلف يتحدد بكل ما انفقه فهو سيحرص على الحصول على فواتير من كل محل وكل جهة وكل فرد دفع لها اي مال. والجهة المقابلة لن تجرؤ على اخفاء أي دخل. طبعا دائرة الضريبة ستعترض ان هذا ليس عمليا ولا يستطيع اي جهاز التدقيق على الكم الهائل من الفواتير ناهيك عن قدرة المواطن واستعداده لهذه العملية. وهنا نذهب الى التحدي التالي وهو استخدام التكنولوجيا وفرضها على المعاملات. كما في فكرة البطاقة الذكية للدعم اذ يمكن انشاء بطاقة لكل فرد تستخدم بدل الفواتير بتمريرها على جهاز مثل جهاز الشراء عبر البطاقات البنكية. وكل عملية دفع وقبض تنزل هنا وهناك والبطاقة ولن يكون لدى القابض مصلحة في زيادة المبلغ لأنه يحسب من دخله ولا الدافع بتنقيص المبلغ لأنه يخصم من اعفائه. مقترح خيالي؟! طيب، دعونا لا نرفضه سلفا وأعطونا بدائل لآلية محكمة لمكافحة التهرب الضريبي!
الهروب إلى الأمام بتبسيط أنظمة احتساب الضريبة إلى جانب الفشل أمام التهرب الضريبي خفض تحصيل الدولة من الضريبة إلى أدنى مستوى وتم تعويض ذلك بمصادر أخرى خصوصا تلك التي تفرض سلفا على السلع والخدمات وأصبح التحصيل من الضريبة على المحروقات “المدعومة” تزيد وحدها عن التحصيل من كل ضريبة الدخل!!
الحكومة تريد الآن زيادة مردود ضريبة الدخل بتخفيض سقف الاعفاء الشخصي وهذا قد يزيد قليلا دخل الخزينة لكنه لا يحل مشكلة التهرب الضريبي ولا تدني كفاءة التحصيل فنسبة التحصيل المفترضة نسبة للناتج المحلي الاجمالي يجب ان تكون أكثر من ثلاثة اضعاف ما يتم تحصيله حاليا. فكيف نحاصر التهرب الضريبي ونرفع كفاءة التحصيل دون اثقال كاهل محدودي الدخل.
اقترحت في مقال سابق التحول الى الاعفاء على النفقات (وليكن بسقف 28 الف دينار) بدل الاعفاء الأصم الحالي وهو 24 ألف دينار للأسرة زائد 4 آلاف دينار نفقات للتعليم والصحة فقط. وهذه الصيغة تحقق عدة أهداف أولها العدالة لأن الأسر تتفاوت في حجمها ومتطلباتها، وثانيا وضع الجهاز أمام تحدي التحديث والكفاءة وثالثا وهو مربط الفرس مكافحة التهرب الضريبي. ويمكن اضافة الاعفاء على سندات للاستثمار لتشجيع تحويل المواطنين فائض أموالهم الى صندوق خاص لهذه الغاية.
ان التهرب الضريبي لا يحدث عند الموظفين الذين تخصم الضريبة سلفا من رواتبهم ولا الشركات المساهمة الكبرى التي تملك حسابات نظامية لا مجال للتلاعب بها بل لدى الشركات الخاصة والأعمال التجارية والمهنية للأفراد ولا يكاد يوجد مهني أو صاحب عمل أو مؤسسة يشهر دخله الحقيقي ويدفع النسبة الصحيحة. ونحن نعرف ذلك جيدا في جميع القطاعات. والوسيلة الوحيدة لكشف حجم دخل كل فرد أو مصلحه هو ان يكون الطرف الآخر الذي دفع له مصلحة في الكشف عما دفعه فاذا كان اعفاء المكلف يتحدد بكل ما انفقه فهو سيحرص على الحصول على فواتير من كل محل وكل جهة وكل فرد دفع لها اي مال. والجهة المقابلة لن تجرؤ على اخفاء أي دخل. طبعا دائرة الضريبة ستعترض ان هذا ليس عمليا ولا يستطيع اي جهاز التدقيق على الكم الهائل من الفواتير ناهيك عن قدرة المواطن واستعداده لهذه العملية. وهنا نذهب الى التحدي التالي وهو استخدام التكنولوجيا وفرضها على المعاملات. كما في فكرة البطاقة الذكية للدعم اذ يمكن انشاء بطاقة لكل فرد تستخدم بدل الفواتير بتمريرها على جهاز مثل جهاز الشراء عبر البطاقات البنكية. وكل عملية دفع وقبض تنزل هنا وهناك والبطاقة ولن يكون لدى القابض مصلحة في زيادة المبلغ لأنه يحسب من دخله ولا الدافع بتنقيص المبلغ لأنه يخصم من اعفائه. مقترح خيالي؟! طيب، دعونا لا نرفضه سلفا وأعطونا بدائل لآلية محكمة لمكافحة التهرب الضريبي!
جميل النمري