قال رئيس الوزراء الأسبق الدكتور معروف البخيت إن المجتمع الأردني بنى دولته ومؤسساته في ظل حالة من الندرة؛ أي بموارد محدودة وظروف صعبة، ما جعلهم خبراء في إدارة الندرة والتكيّف مع هذه الحالة التي أوجدت لديهم القدرة والمراس على التكيف مع ظروف مختلفة.
ودعا الدكتور البخيت بمحاضرته “محطات من تطور الشخصية الوطنية الأردنية” بمنتدى الفكر العربي الاثنين الى تأكيد ركائز هذه الشخصية وصورتها في الثقافة وبناء الشخصية الوطنية التي تأسست على الانفتاح والتواصل والتنوير وأهمية تعرف الجيل الجديد على تضحيات الآباء والأجداد الذين بنوا وطناً بثقافة الأمل والاستثمار بالإنسان.
وأشار إلى أن مؤسستين ساهمتا في استكمال نضوج الشخصية الأردنية المعاصرة خلال العقود الماضية، وهما: المؤسسة العسكرية التي أعادت انتاج الشخصية الأردنية وأطّرتها وطنياً، والمؤسسة التعليمية التي عملت على عملية إعادة انتاج موازية للشخصية الأردنية ولكنها معرفية وتأهلية.
واوضح في اللقاء الذي أداره وقدمه الأمين العام للمنتدى الدكتور محمد أبو حمّور إن هناك ثلاث خلفيات أثرت بشكل مباشر بتشكل الشخصية الأردنية المعاصرة وإن فهما ورسم ملامحها المستقبلية يتطلبان التوقف عند هذه الخلفيات، وفي مقدمتها البنية الاجتماعية والتقاليد الثقافية الاجتماعية المستندة على احترام البنى الاجتماعية القرابية وعلى رأسها العشائر، بمفهومها الاجتماعي والقيمي النبيل، القائم على الكرم والبذل والتكافل الاجتماعي، وليس بمفهومها ووظائفها السياسية.
ووصف البخيت الشخصية الأردنية بأنها بنّاءة بالرغم من واقع الندرة، مشيراً إلى ملامح من تطور التعليم والرعاية الصحية والمياه وسائر الخدمات خلال العقد الأول من نشأة الدولة الأردنية الحديثة أو إمارة شرقي الأردن منذ عام 1921. وأوضح أن لشخصية المغفور له جلالة الملك المؤسس عبدالله بن الحسين، الدور الكبير بتحديد صورة وملامح الدولة الأردنية، وتعزيز قيم الاعتدال والوسطية والانفتاح، وهو ما ميّز القيادة الهاشمية على مر العصور، فكان الملوك الهاشميون، دوماً، يتمثلون رسالة الثورة العربية الكبرى، وقادوا مسيرة شاقة للبناء والنهضة وتأسيس الدولة الحديثة، ودافعوا عن المنجزات وعن استقلال الإرادة الوطنية، وتحملوا الكثير وقدموا التضحيات الجليلة وهذه الحالة من الانسجام بين القيادة والشعب.
وقال ان استمرارية التواصل، والاندفاع نحو الإصلاح الدائم والتنمية؛ تركت أثراً مهماً في تطور الشخصية الوطنية الأردنية، وفي سلوكها السياسي؛ سواءً أكانت داخل الحكم أم المعارضة، مشيرا الى أن الأداء الديمقراطي، بصرف النظر عن مسمّاه أو شكله أو مستوى نضجه، كان ملفتاً في الحالة الاردنية، ومنذ ما قبل تأسيس الإمارة.
من جهته قال الدكتور أبو حمور في كلمته التقديمية: إن الحديث عن الشخصية الوطنية الأردنية، هو حديث عن نموذج عربي التكوين، مرتبط بهويته العروبية والإسلامية الحضارية.
واضاف: إن ما قدمه الأردنيون من تضحيات ومواقف وطنية وقومية منذ انكشاف المؤامرات الاستعمارية مع نهاية الحرب العالمية الأولى، والنكث بالعهود المقطوعة من بريطانيا لقائد النهضة العربية الشريف الحسين بن علي في دولة عربية واحدة مستقلة تضم بلاد الشام والحجاز والعراق، وبدء تنفيذ وعد بلفور لمنح اليهود وطناً قومياً في فلسطين وما تبع ذلك من حروب وصراعات بين العرب وإسرائيل، يؤكد ذلك كله غلبة التكوين العروبي على الشخصية الأردنية.
وعقب المحاضرة دار نقاش موسع تناول ابرز مفاصل بناء الشخصية الاردنية وتطول الدولة.