الداوود: المناهج تحتاج باستمرار لاعادة النظر وللمراجعة

أكد رئيس الدائرة السياسية في حزب الوسط الاسلامي والوزير الأسبق الدكتور هايل الداوود ان المناهج تحتاج باستمرار إلى إعادة النظر والمراجعة المستمرة في أساليبها ووسائلها فالأساليب والوسائل ليست ثوابت مقدسة اما الأسس والمبادئ فهي ثابتة لا تتغير ولا تمس.
وقال الداوود في محاضرة قدمها اليوم في حزب الاصلاح بعنوان ” المناهج الأردنية وحاجتها للتطوير ” إن وزارة التربية محكومة بقانون التربية والتعليم وليست أراء حكومة أو وزير، والمناهج المدرسية هي انعكاس لفلسفة التربية والتعليم، المنطلقة من أن دين الدولة الإسلام وانتمائها العربي والإسلامي لا يزاود عليه احد.
وزاد: لو نظرنا إلى نظام التعليم في المملكة نج ان فلسفة التربية في المملكة تنبثق من الدستور الأردني والحضارة العربية الإسلامية ومبادئ الثورة العربية الكبرى والتجربة الوطنية الأردنية، ومن الأسس التي ترتكز عليها هذه الفلسفة كما ورد في نظام التربية التعليم:-
الإيمان بالله تعالى، والإسلام نظام فكري سلوكي يحترم الإنسان ويعلي من مكانة العقل ويحض على العلم والعمل والخلق، والإسلام نظام قيمي متكامل يوفر القيم والمبادىء الصالحة التي تشكل ضمير الفرد والجماعة، التمسك بعروبة فلسطين وبجميع الاجزاء المغتصبة من الوطن العربي والعمل على استردادها، زالقضية الفلسطينية قضية مصيرية للشعب الأردني، والعدوان الصهيوني على فلسطين تحد سياسي وعسكري وحضاري للامة العربية الإسلامية بعامة والأردن بخاصة.
وتابع: كما تنبثق الأهداف العامة للتربية في المملكة من فلسفة التربية وتتمثل في تكوين المواطن المؤمن بالله تعالى المنتمي لوطنه وأمته، المتحلي بالفضائل والكمالات الإنسانية النامي في مختلف جوانب الشخصية الجسمية والعقلية والروحية والوجدانية والاجتماعية بحيث يصبح الطالب في نهاية مراحل التعليم مواطنا قادرا على مجموعة من القضايا منها، استيعاب الإسلام عقيدة وشريعة والتمثل الواعي لما فيه من قيم واتجاهات، والاعتزاز الإسلامي والقومي والوطني.
‌ولفت الداوود الى ان النظام ينص على أن مرحلة التعليم الأساسي تهدف إلى تحقيق الأهداف العامة للتربية وإعداد المواطن في مختلف جوانب شخصيته الجسمية والعقلية والروحية والوجدانية والاجتماعية ليصبح قادراً على أن، يلم الماما واعيا بتاريخ الإسلام ومبادئه وشعائره وأحكامه وقيمه ويتمثلها خلقا ومسلكا، ويتقن المهارات الأساسية للغة العربية بحيث يتمكن من استخدامها بسهولة ويسر، ويعرف الحقائق والوقائع الأساسية المتعلقة بتاريخ الأمة الإسلامية والعربية والشعب الأردني في عمقه العربي والإسلامي بوجه خاص والإنساني بوجه عام.
وقال الدوود أن مرحلة التعليم الثانوي تهدف هذه المرحلة إلى تكوين المواطن القادر على أن يستوعب مبادئ العقيدة الإسلامية وأحكام شريعتها وقيمها ويتمثلها في سلوكه ويتفهم ما في الأديان السماوية الأخرى من قيم ومعتقدات، ويعرف واقع أمته وقضاياها ويعتز بانتمائه إليها ويسعى إلى وحدتها وتقدمها، ويتمثل في سلوكه القيم العربية والإسلامية والكمالات الإنسانية.
وأضاف إن ما يحقق هذه القضايا الكبرى ليس فقط الكتاب المدرسي فهو إحدى أدوات المنهاج ولا يصح أن نمسك الكتاب ونقارن بين الكتاب السابق واللاحق بل المطلوب هو أن نقرأ الكتاب نفسه ونرى هل يحقق فلسفة التربية والتعليم أم لا ؟ وهل هنالك خلل أم لا ؟ هل مجموعة القيم والمفاهيم فيها خلل أم لا ؟ ، لأن العملية ليست تعديل بل هي مناهج جديدة بالكامل بناء على دراسات قام بها متخصصون وعلماء وليس كلام إنشاء.
وقدم الداوود عدة امثلة منها حذف بعض الغزوات لأنها مكررة بين دروس التربية الإسلامية والتاريخ فلتذهب إلى التاريخ أو التربية الإسلامية، وكانت تسمى في الكتب السابقة غزوات كغزوة بدر أو أحد، فعدلت إلى المسمى القرآني لها وهي أيام كما وصفها القرآن الكريم، فأصبحت يوم بدر ويوم أحد، إضافة إلى ما يشوب مصطلح الغزوة اليوم من مدلولات سلبية متعلقة بالغزو والسلب مما لا يتفق مع فلسفة الجهاد في الإسلام الذي ما كان إلا لدفع الظلم عن الإنسان.
وتابع: التاريخ الإسلامي كان يقدم كسلسلة من الغزوات والحروب والفتوحات وليس على شكل منجز حضاري للأمة الإسلامية أثرت في المسيرة الإنسانية، وهذا ليس اسلوبا صحيحا بل التاريخ الإسلامي انجاز حضاري، والحروب والمعارك ما هي إلا جزء بسيط من هذا التاريخ والحضارة، وإن الكثير من الكتب التي أُلِّفت حول السيرة، أو التاريخ الإسلامي، تأثرت بالمناخ الثقافي والسياسي والحزبي والاجتماعي التي أنتجت فيه، وتمت الكثير من المحاولات لإسقاطها على الواقع، لإيجاد المسوغ والمشروعية لمسالك الأفراد والجماعات والأحزاب والفرق والطوائف.
وزاد الداوود: هذا الأمر الذي أفرز الكثير من الرؤى الأحادية والحزبية والسياسية التي تستظل بالسيرة، وحيث إن الكثير من البلاد الإسلامية عاشت أزمة الهيمنة الاستعمارية والاضطهاد من قبل (الآخر) وما رافق ذلك من أفكار الغزو والتبشير والاستلاب الحضاري، فقد دفع ذلك معظم الباحثين والكتاب إلى العودة إلى القيم والسيرة والتراث، مما يعتبر أمرا طبيعيا، للتشبث والاحتماء في مواجهة الأزمة، ودفعهم إلى عسكرة السيرة والاقتصار على استحضار صور الجهاد والمعارك والغزوات والتضحية، مع غياب الكثير من الأبعاد السياسية والتربوية والاجتماعية والتنموية والتكافلية وتقسيم العمل والإدارة… إلخ، وقد تكون العسكرة وفكر الأزمة، الذي قد يصلح لمرحلة أو لموقف، غير مؤهل للصلاحية لكل المراحـل، الأمر الذي أدى إلى ويؤدي إلى أزمة تَعَامُل أو أزمة فكر في التعامل مع السيرة والتاريخ.
مقالات ذات الصلة