الرثاء من خلق الإسلام النبيل
الرثاء من خلق الإسلام النبيل
الرثاء أو الحزن و البكاء من الأخلاق النبيلة التي شرعها ديننا الحنيف و أرسى قواعدها الأصيلة نبينا الكريم ( صلى الله عليه و آله و سلم ) و للقيمة الفنية و الأدبية و أيضاً المشاعر القوية و الأحاسيس الجياشة التي يستخدمها كإيحاءات نفسية تسيطر على القلوب و التي يتمتع بها الرثاء فقد أصبح فناً أدبياً كثير الانتشار و الرواج بين أصحاب القلم الأدبي و الفني ، و الرثاء ليس وليد العصور الإسلامية بل تعود جذوره إلى ما قبل بزوغ فجر الإسلام فهاهي المعلقات العربية لقدامى شعراء العرب تزخر بالوصلات الواسعة للرثاء الحزين ، وهذا ما يكشف عن حقيقة القيمة المكانية و الزمانية لفن الرثاء ، و الرثاء باعتباره مصدر العواطف الأليمة ، و منبع الأحزان فهو يُعرف بين أهل الاصطلاح بأنه التوجع و الإشفاق على الميت مع ذكر محاسنه ، و بسبب تلك الجوهرة الفريدة من نوعها التي يمتلكها الرثاء فقد اعتبره أهل الاختصاص من أكثر الفنون الأدبية الصادقة ، و من أكثرها تعبيراً عن حقيقة المشاعر الإنسانية التي يكنها الشاعر إلى الميت . ولنا في التاريخ الإسلامي الشواهد الكثيرة التي حملت معها المواقف الرسالية الإنسانية لرسول الرحمة ( صلى الله عليه و آله و سلم ) وهو قد فجع بالأهل و الأحباب في زمن سني عمره الشريف فقد بكى و اظهر الحزن على مصاب زوجه خديجة و عمه أبي طالب و الكثير من شهداء بدر و احد ومنهم عمه حمزة بن عبد المطلب فتلك الحقائق و المواقف الإنسانية النبوية الشريفة كانت بمثابة تشريع للبشرية جمعاء في جواز البكاء و الحزن الذي يظهر بمضامين الرثاء وقد أكد هذا النهج القويم الخلفاء الراشدين و الصحابة الأجلاء ( رضي عنهم أجمعين ) و منهم ما قاله الإمام الصادق وهو يعطي الدروس القيمة و البليغة لأصحابه في الاعتناء و الاهتمام بطرق القاء و إنشاد قصائد الرثاء وما يرتبط بها من مشاعر حزينة و أحاسيس تجعل القارئ و الشاعر يتفاعلان فيما بينهما ولعل ما جرى بين الإمام الصادق و بين أبي هارون الكفوف تعد تربية سامية للأجيال البشرية و تحقيقاً لرسالة السماء و مضامينها النبيلة ليكون المنبر المدرسة الإسلامية الصحيحة في إرساء قواعدها الشريفة فهاهو الإمام الصادق يأمر للكفوف بالإنشاد الرقيق الشجي لا الإنشاد المجرد من أصوله الصحيحة وهذا ما يكشف زيف مارقة العصر دواعش الإرهاب و الفساد و تظليلهم العقول النيرة بكلامهم المعسول الواهي و اداعاتهم الباطلة و بدعهم الضالة و شبهاتهم المنحرفة بعدم مشروعية الحزن و البكاء و عدم وجود الرثاء بين فنون الأدب العربي فهاهم أهل بيت النبوة يعقدون مجالس الذكر لتحقيق مبادئ و قيم التربيـة الرسالية الإلهية ، وأرشاد الناس إلى ما يترتب عليها من آثار في الدنيا والآخرة فماذا بعد الحق يا دواعش الإرهاب الفكري غير الضلال المبين ؟
بقلم // احمد الخالدي