هل نحن في أزمة ثقة ؟
بسم الله الرحمن الرحيم
هل نحن في أزمة ثقة ؟
هل فعلا ان ما نعانيه في ووطننا الغالي من ازمات داخلية هو ازمة ثقة ؟ والتي من – وجهة نظري – انها سبب كل ما نواجهه الان من سيجال – ما بين الحكومة والشعب – وهو ما نراه من ردة فعل شعبية في كثير من الاحيان بعدم الثقة فيما تتخذه الحكومة من قرارات واتفاقيات ، وهو ما يتم التعبير عنه بعدم الرضى احيانا عن هذه القرارات بوسائل التواصل الاجتماعي والصحف ووسائل الاعلام المختلفة ، واضطرار الحكومة الى تبرير هذه القرارات والاتفاقيات ..
لذا رأيت ان اتطرق في مقالي هذا الى موضوع ( ازمة الثقة ما بين الحكومة والشعب ) ، وكيفية حل هذه الأزمة ، فإذا نظرنا للأزمة على انها نقطة تحول الى الأفضل ، وعلى انها لحظة حاسمة ، فانه يمكن تحويل هذه الأزمة (الثقة) الى صالح الجميع والوصول الى الافضل ، وحل الأزمة يجب ان يكون من خلال الاعتراف بوجودها لان الاعتراف بها يكون نصف الحل ، وهناك العديد من ازمات الثقة التي حدثت في وطننا الغالي واستطعنا اعادة الثقة فيها ما بين الشعب والحكومة ومنها على سبيل المثال
ازمة الثقة بالانتخابات فقد كان الشعور العام في المجتمع الاردني يسوده ازمة ثقة بنزاهة العملية الانتخابية قبل اجراء الانتخابات الاخيرة ، وذلك لما شهدته الانتخابات السابقة من تشوهات ادت الى خلق ازمة ثقة لدى الموطنين بنزاهة الانتخابات والحكم عليها مسبقا ، مما اضطر الحكومة الى العمل على اقناع الشعب بأنها ستقوم بإجراء انتخابات نزيهة ، وقد كان الاعتراف المسبق بوجود ازمة ثقة لدى الموطنين في العملية الانتخابية هو سبب النجاح في حل هذه الأزمة ، فقامت الحكومة بإجراءات عدة لإثبات حسن النوايا لديها بإعادة الثقة بالانتخابات ، فأنشئت هيئة مستقلة للانتخابات وأعطتها صلاحيات كاملة لأجراء الانتخابات والأشراف عليها وبدون تدخل حكومي ، وقد نجحت الهيئة المستقلة فيما قامت به من اجراءات في الانتخابات الاخيرة وان تعيد الثقة للمجتمع بالانتخابات ، وما ان فرح الشعب بهذا الانجاز من اعادة الثقة بالحكومات وبدا بأننا نسير بالاتجاه الصحيح نحو حل ازمة الثقة ، وآذ بنا نفاجأ في عز الفرح بإعادة الثقة بالانتخابات بقرارات من الحكومة اعادتنا الى الخلف خطوات عديدة نحو زيادة هوة الثقة ، وعدنا الى المربع الاول من مربعات فقدنا الثقة بين الطرفين (الشعب والحكومة ) ، وكائنا هناك اشخاص مستشارين لحكومة متخصصين في صنع الأزمات او انهم اعداء النجاح ، فنراهم يضعون أنفسهم والحكومة بخندق والشعب بخندق اخر ، وبيداء سجال جديد بين الطرفين من فقدنا الثقة . ومن هذه الأزمات التي – بوجهة نظري – انها صنعت مثل ما حدث من تعيينات لقيت الكثير من الانتقاد ، ومنها التعديل الحكومي وما شابه من دخول وزير ليوم واحد ، وهذا يدل على ان هناك أزمة ثقة داخل الحكومة ومستشاريها ، وخاصةُ من يقومون بترشيح الاسماء لشغل المناصب العليا ، فهؤلاء المستشارين يعانون من ازمة ثقة فيما بينهم وما بين من ائتمنهم على امانة الترشيح للأشخاص المناسبين بكل مواصفاتهم العلمية والمهنية والأمنية – مع احترامي لجميع من تم تنسبيهم لهذه المناصب – ومن الازمات التي صنعت ايضا تعيينات الاعيان ، والتي لأول مرة في تاريخ المملكة تجد هذا اللغط حول تعييناتهم ، مثل عملية توريث ابناء الاعيان ، فإذا نظرنا الى مجلس الاعيان على انه بيت الخبرة للاردنيون فكيف بالخبرة تورث من الاباء للأبناء ، وهذا طبعا لا يحدث بان تورث الخبرة ألا بالمهن ، ومع ذلك يجب ممارسة هذه المهنة ومعرفة اسرارها للحصول على الخبرة المطلوبة فيها ، ومجلس الاعيان مجلس خبرات سياسية واقتصادية وأمنية وعلمية ، ولكنه ليس مجلس خبرة مهنية – مع احترامي لكل المهن – ومنها ايضا تعين عين وهو على راس عمله قنصلا ، فان من قام بتقديم الاستشارة بهذه التعيينات ألا ترون انه يعاني من ازمة ثقة بينه وبن من ائتمنه على هذه الثقة ؟ اليس هذا الشخص متخصص بصناعة ازمة الثقة وزيادة الهوة بين الحكومات والقائمين عليها وببن شعبها ؟ ويصعب الحل على من يبحث حل لهذه الازمة ؟ ومن القرارات التي ظهرت على السطح حديثا مثل قرار تغير المنهاج وقرار اتفاقية الغاز وقرار دوام المدارس وقرار بعض الجامعات بإلغاء قبول ابناء المتقاعدين العسكريون على نظام الجسيم فالسؤال الذي يطرح لصالح من صنع هذه الازمات ؟ والسؤال الاخر هل هذا الوقت المناسب لتنفيذ هذه القرارات السابقة وزيادة هوة الثقة بين الطرفين ( الحكومة وشعبها ) ؟ ومن باب النصيحة للحكومة والحرص على ان تبقى الثقة بين الحكومة وشعبها ، فعلى الحكومة اذا اردت حقا اعادة الثقة ، ان تعمل على ان مد يدها لشعبها لتعيد الثقة بها، وذلك من خلال العمل على اختيار مستشارين يكونون على قدر عالي من المسؤولية الوطنية والأمانة فيما يقدمونه من استشارات ، واختيار الوقت المناسب لطرح هذه الاستشارات ، لان اثر هذه الاستشارات واختيار توقيتها أثره على الحكومة اولا ، ومن ثم تعود اثارها على الشعب الذي يتمنى ان يثق بحكوماته ، وعلى الحكومة ايضا ان تعترف بوجود هذه الأزمة لديها وان لا تكابر على اخطاء واضحة في ذلك الامر ، وعلى الحكومة ان تكون صريحة فيما بينها وبين شعبها ، وذلك من خلال الولوج الى صلب المشكلة وإفهام الشعب اسباب اتخاذ هذا القرار ونتائجه على المجتمع بحسناته وسيئاته ، وان تبين ان حسنات القرار الذي اتخذ تطغى على سيئاته ،وان يمر القرار بمراحله الدستورية مثل عرضه على مجلس النواب والأعيان ، ومن الامور المهمة التي على الحكومة اتخاذها لإقناع الشعب بجدوى قراراتها ، ان تختار الشخص او الاشخاص المناسبين لشرح هذه القرارات ، لأنه كلما كان هذا الشخص على قدرة وخبرة عملية وعلمية ومتخصص في موضوع القرار المتخذ فهو الاقدر على الاقناع . من شخص مكتوب له ما يجب ان يقال وما لا يقال ، وعلى الحكومة بأعضائها ان تعي ان الشعب واعي لخطابها ولم يعد هناك اسرار ، فان مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الاتصال الحديثة لم تبقى الامور مخفية وبعيدة عن وعي الشعب ، وعلى الحكومات ان تغير في اسلوبها في التعامل مع شعبها ، الذي ينظر اليه بعض المسئولين بعقليته العقيمة على ان الشعب مقتنع بما يقوله ، هذا المسئول وللأسف يقنع نفسه فقط وزبانيته بأنه اقنع الشعب بتبريراته ، وينسى او يتناسى ان شعبه واعي وان ثقافته اعلى بكثير مما هو يتصور ، وان الشعب ما سكت على سخافة هذا المسئول ألا من باب حبه لوطنه وشعبه وملك البلاد ، اذا فلتكن البداية من عند الحكومة وليس من عند الشعب ، الذي هو في نهاية الامر سيقبل بأي قرار ولكن قبوله لم يكن بثقته بهذا القرارات وبمن اتخاذها وإنما قبل بها من باب تفضيل المصلحة العليا في امن الوطن وأمانه على سخافة بعض المسئولين الغير موثقين لا لشعبهم ولا حتى لمن ائتمنهم على المسؤولية ، وأخيرا ومن باب النصيحة لشعبنا الغالي فأننا كمواطنين علينا ان نثق بحكوماتنا لأنه ليس لنا خيار ألا الثقة بالحكومة وان تطمح لمستقبل افضل ولنفترض حسن النية بحكومتنا لأنها قدرنا . اللهم احمي وطننا وشعبنا ومليكنا من العاديات ومن كل مكروه امين يا رب العالمين .
العقيد الركن المتقاعد معتصم احمد بن طريف