أصابت جولة جلالة الملك التي انتهت في العاصمة الاميركية واشنطن وقبلها لندن وموسكو، نجاحاً كبيراً، إن لجهة تعزيز علاقات الصداقة والتعاون والشراكة الاستراتيجية مع الدول الثلاث لروسيا وبريطانيا والولايات المتحدة الاميركية ذات الدور والتأثير الكبيرين في المشهدين الاقليمي والدولي أم لجهة التأكيد على دور الاردن الحيوي والمحوري في قضايا المنطقة وخصوصاً في حشد الجهود لإحياء المفاوضات بين الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي والتحذير من تبعات اي قرارات تمس هوية القدس المحتلة ومحاولات نقل السفارة الاميركية الى المدينة المقدسة بكل ما تمنحه قرارات كهذه لخطاب الارهابيين وايديولوجيتهم الظلامية، فضلاً عن التاكيد على ايجاد حلول سلمية للأزمة السورية، وايضاً في ما خص الاوضاع في العراق وضرورة ايجاد توافق بين مكوناته كافة بعيداً عن ثقافة الاقصاء والاستئصال والمحاصصة الطائفية المذهبية، ناهيك عن تأكيد جلالة الملك في كل اللقاءات والمباحثات التي اجراها مع المسؤولين في تلك العواصم بضرورة العمل وفق نهج شمولي وناجع لمحاربة الارهاب واجتثاثه وصولاً الى دحره والحاق الهزيمة الكبرى به، بعيداً عن اي محاولات مغرضة لالصاق تهمة الارهاب بالدين الاسلامي وبالمسلمين الذين يعانون اكثر من غيرهم من الارهاب وارتكابات الارهابيين، لأن الارهاب لا دين له ولا عنوان.
وإذ جاء لقاء جلالة الملك بالرئيس الاميركي دونالد ترامب يوم اول من أمس في العاصمة واشنطن ليؤكد على أهمية توطيد علاقات الشراكة الاستراتيجية بين البلدين وضرورة العمل بشكل مشترك لمحاربة الارهاب، فإن اتفاق الزعيمين الكبيرين على اهمية توفير الأمن والامان للشعب السوري بالاضافة الى أهمية تكثيف الجهود المستهدفة تحريك عملية السلام بين الفلسطينيين والاسرائيليين، يؤكد صحة ودقة القراءة الاردنية لملفات المنطقة وازماتها ويعكس طبيعة وحجم الجهود المكثفة والدؤوبة التي يبذلها جلالته على اكثر من صعيد لخدمة القضايا العربية والاسلامية وبما يجنب شعوبها المزيد من المعاناة ويحول دون نجاح الارهابيين في ارتهان المنطقة وشعوبها لمخططاتهم الاجرامية، ناهيك عن المغزى الذي انطوى عليه الاتفاق بين جلالة الملك والرئيس الاميركي على عقد لقاء قمة خلال زيارة رسمية يقوم بها جلالته للولايات المتحدة الاميركية لاستكمال ما بحثه الزعيمان في لقاء الخميس الماضي ولمزيد من البحث في القضايا ذات الاهتمام المشترك بين عمان وواشنطن وانعكاس تطورات المنطقة على الأمن والسلم الدوليين.
نحن إذاً أمام أجندة ملكية متكاملة ومترابطة في بعديها الوطني والاقليمي في ظل ما تعيشه المنطقة وشعوبها من ازمات وحروب داخلية وصعوبات اقتصادية وتحديات الارهاب وخطورته على الجميع وفي مقدمتهم المسلمين انفسهم كأول واكثر الضحايا من ارتكابات خوارج العصر وجرائمهم التي لا تمثل اي دين وعقيدة، ناهيك عما تتعرض له القضية الفلسطينية من مخاطر جراء استمرار الاستيطان وتهويد القدس والمحاولات الرامية الى نقل السفارة الاميركية الى القدس وتأثير قرارات كهذه على حل الدولتين بما هو الحل الامثل للقضية الفلسطينية، فضلاً عما تعيشه سوريا من أزمة وتطورات اثبتت الوقائع صحة القراءة الملكية عندما دعا جلالته وفي وقت مبكر الى حل الأزمة سلمياً لان لا حل عسكرياً لها.
جملة القول ان جلالة الملك في زياراته للعواصم الثلاث، بذل جهوداً مخلصة ومتواصلة وكرّس كل ما تتوفر عليه الدبلوماسية الاردنية من احترام وصدقية في العالم، من اجل خدمة المصالح الوطنية الاردنية وتعزيز علاقات الصداقة والشراكة الاستراتيجية مع هذه الدول، فضلاً عن دفاعه عن القضايا العربية والاسلامية العادلة.