حتى لا يكون مسلمو البلقان ضحايا لقرار ترمب

حتى لا يكون مسلمو البلقان ضحايا لقرار ترمب

ريما أحمد أبو ريشة

(( ترى الحكومة النمساوية الجديدة المؤلفة من التيار المحافظ والشعبوي اليميني المتطرف أن الهجرة واللجوء والإسلام المتطرف هما الخطر الأكبر على أمنها . وهذا ما يفسر تعاطفها مع جمهورية الصرب ” كيان صرب البوسنة ” التي باتت تهيء نفسها للإنفصال عن البوسنة والهرسك والإندماج مع صربيا لتشكيل صربيا كبرى في البلقان . وهو الهدف الذى أدى لحرب البوسنة والهرسك الأهلية في تسعينيات القرن الماضي )) .

إن الإعتراف بجمهورية الصرب وتأييد سياساتها لا يقل خطورة عن قرار دونالد ترمب المتعلق بالإعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل . إذ أنها أي جمهورية صرب البوسنة أكثر تأييداً لإسرائيل من ترمب نفسه . واحتفلت بوصوله لرئاسة البيت الأبيض كما فعلت صربيا .

وترى إسرائيل أن اليمين الأوروبي المتطرف أفضل لهل من أوروبا الحالية . فهو بعدائه للمهجرين وللإسلام يخدمها أكثر ويعجل لها بفرض يهودية الدولة . ويعيد لها تحالفاتها السابقة في البلقان التي مهدت لها بالقيام والنشوء . فلولا هزيمة تركيا هناك لما كان لوعد بلفور أن يتحقق .

صحيح إن فوز حزب الحرية النمساوي لا يروق لها . فقد لمسنا بغضها له علانية سنة 2002 عندما حصل على 328491 صوتاً في الإنتخابات البرلمانية بنسبة 1و10% ليحظى وقتها بثمانية عشر مقعداً وهي الآن تكرر نفس الإسطوانة بأنها لن تتحدث مع وزرائه لكنها في حقيقة الأمر تجهد في تحويل يمينيي أوروبا لصالح إمبراطورية جاريد كوشنير صهر ترمب التي تصارع إمبراطوية جورج سوروس الروتشيلدية . وتعمل على تسخير عداء اليمين الأوروبي للمهجرين والإسلام لما يخدم مصالحها .

وفي خطابه أمام البرلمان قال المستشار النمساوي سيباستيان كورتس إن من أولويات الحكومة محاربة معادة السامية وذكر باستسلام بلده لألمانيا سنة 1938 دون مقاومة . والتحق يوم أول أمس الرابع والعشرين من ديسمبر الجاري معلناً رفضه لاتفاقية اللاجئين الأوروبية ومؤيداً لبلدان التشيك ورومانيا والمجر وبولندا بهذا الخصوص . ويبدو الإتحاد الأوروبي عاجزاً عن اتخاذ أي قرار بشأن النمسا اليوم عكس ما كان عليه سنة 2002 عندما فرض عليها عقوبات .

ويوم أول أمس أيضاً طالب مايكل تارنر عضو مجلس الشيوخ الأمريكي بإبرام دايتون جديد للبوسنة والهرسك . وقال في رسالة له وجهها إلى وزير خارجية بلاده ريكس واين تيلرسون : ” كنت عمدة لمدينة دايتون عندما تم توقيع اتفاق دايتون للسلام في البوسنة سنة 2005 . واليوم وأنا أراقب وضعها الحرج فإنني أرى ضرورةً ملحة لدايتون 2 ” . ولم يتأخر رد ميلوراد دوديك عليه فقد صرح لتلفاز ن1 في ذات اليوم بأننا لسنا بحاجة لغرباء كي يملوا علينا إرادتهم .

تحتفل جمهورية صرب البوسنة يوم التاسع من يناير القادم بعيدها الوطني وترفض مشاركة قوات البوسنة والهرسك فيه . فقد أعلن رئيسها أن قوات خاصة من جمهوريته هي من ستشارك في الإحتفال مفاجئاً العالم بأن له قوات بعد أن كان إعلامه يكيل الإتهامات لعضو مجلس الرئاسة بكر عزت بيغوفيتش بتشكيل قوات سرية استعداداً لحرب مزمعة .

ولا يخفي الكروات هدفهم بإنشاء هرسك بوسنة كيان خاص لهم على غرار كيان صرب البوسنة .

تشهد البوسنة والهرسك حالة من الغليان الخفي عقب قرارات محكمة لاهاي الخاصة بجرائم الحرب في يوغوسلافيا السابقة وازداد غليانها عقب قرار ترمب بشأن القدس .

ففي الوقت الذي أعلن فيه ميلوراد دوديك تأييده المطلق للقرار , أعلن مسلموها رفضهم المطلق للقرار . ودعا خطبائهم وأئمتهم أن تظل القدس حديثهم الدائم حتى يتم قهر أعداء الأمة . في حين تحفظت كرواتيا عكس بلدان الإتحاد الأوروبي الذي تنتمي إليه .

آفاق واحتمالات متضادة تجعل علامات الإستفهام تطغى على التحليل والأسئلة على المتابعة . لكن الثابت في الأمر أن قلوبهم شتى وسيقصون أنفسهم .

وهنا لا بد من النظر إلى أن صربيا ستواجه مطلب إقليمي السنجق وفويفودينا بالإنفصال . ليعود السنجق إلى البوسنة والهرسك وفويفودينا إلى هنغاريا .

عواصف سياسية وكوارث طبيعية تتزامن في البلقان وأوروبا تجعلنا نترقب مفاجآت قادمة لن تحل بغير حروب دموية . ولعل تقارباً ألبانياً تركياً سيساهم في نصرة مسلمي البلقان عموماً والبوسنة والهرسك على وجه الخصوص .

مقالات ذات الصلة