حكومة لأربع سنوات
يبدو واضحا، أن صاحب القرار، يريد أن يبقي حكومة الدكتور هاني الملقي لأربع سنوات، وهي التجربة التي تتكرر للمرة الثانية بعد حكومة النسور، التي بقيت ذات المدة مع البرلمان السابق.إشارة الملك في خطاب العرش، امام النواب، كانت واضحة.
هذا يعني شيئاً آخر، اذ ان هناك «إماتة مقصودة» للشهوات السياسية لدى السياسيين في الاردن، التي تدفع دوما باتجاه تغيير الحكومات، في سياقات تدوير الكراسي، والحصول على حصة من مواقع مابعد كل تغيير، والواضح، ان التوجه لاماتة الشهوات السياسية، يجري عبر تثبيت بنية الحكومة الموجودة، لخفض المناكفات الخارجية، من جهة، ولاثبات نظرية تقول، ان البرنامج هو ذات البرنامج، فلماذا تتغير الحكومة سريعا، مادام البرنامج سيبقى نفسه، مع المآخذ اساسا على عمر الحكومات في الاردن، التي كانت تتراوح بين عام ونصف العام؟!.
من جهة أخرى، فإن قصة شعبية الحكومات، باتت على ما يبدو خارج الحسابات، وقد شهدنا مرارا في فترة الربيع العربي، ضغوطا من الشارع، لتغيير الحكومات، وقد تم التجاوب معها جزئيا، او كليا، لغايات امتصاص الشارع في ظرف صعب، لكننا نشهد اليوم، تجاوزا لهذه القصة، باعتبار ان برنامج الحكومة، صعب اساسا، ولايمكن ان يجلب الشعبية، فأيا كان شخص الرئيس وهوية الوزراء، فالشعبية لن تتوفر، لان القرارات التي تؤخذ لايمكن ان تكون شعبية بالمعنى المتعارف عليه، وهذا اقرار ضمني، بأن لا حكومة شعبية في الاردن.
تكرار تجربة، الاربع سنوات، يفتح التساؤلات حول شكل العلاقة بين النواب والحكومة، من جهة، خصوصا، ان شعور النواب، ان الحكومة باقية لاربع سنوات، على الاغلب سيؤدي الى اداء مختلف، في ظل تعقيدات كثيرة، وقرارات مقبلة على الطريق، كما ان ابقاء الحكومة لاربع سنوات، يعطي اشارة واضحة، عن عزل التأثيرات السلبية، لاوضاع الاقليم، واي سيناريوهات مقبلة في المنطقة، عن وجود الحكومة وثبات بنيتها، فنحن اذن امام حكومة محلية، بالمعنى الصرف، ولاتعكس اي تقلبات في الاقليم، ولا اي تطورات قادمة.
الاغلب ان استقرار الحكومة، يعني من جهة اخرى، تذويبا للفروقات التي قد تتأسس بين الحكومة والنواب، كما ان هذا البقاء، يعني ان هناك برنامجا للحكومة، معروفا كاملا، وبشكل مسبق، ومطلوب من الحكومة تنفيذه وخصوصا على الصعيد الاقتصادي، في ظل المصاعب التي تؤثر على الموازنة، والمديونية وخدمة الدين والتي تتحول الى معضلة منفصلة تتعاظم يوما بعد يوم، اضافة الى الاجراءات الاقتصادية التي سيتم اتخاذها بشكل تدريجي.
في كل الحالات، الملك يريد استقرارا سياسيا، لكن هذا التوجه، لايمنح رخصة لكل الاطراف، نوابا وحكومة، للركون الى العمر الافتراضي المسبق، مما يعني ان على الجميع، التنبه لهذا الجانب بالذات، والسعي لتحقيق اختراقات على صعيد الملفات الصعبة التي تواجه البلد، بدلا من الاسترخاء الذي قد يتشكل، باعتبار ان الطرفين امامهما اربع سنوات مريحات.
ماهر أبو طير