سباق البيت الأبيض: معسكر كلينتون يسابق الزمن لإعادتها للصدارة
لا يخفي المرشح الجمهوري للرئاسة الأميركية دونالد ترامب، بهجته الكبرى وشماتته، بعيد التطورات الأخيرة الناجمة عن قضية البريد الالكتروني لمنافسته الديمقراطية هيلاري كلينتون، وهو الذي رأى في الأمر، الذي جاء في الأيام الأخيرة “الحرجة جدا” قبيل الانتخابات، “هدية من السماء”، لدرجة انه شكر عضو الكونغرس السابق انتوني وين، الزوج السابق لمساعدة كلينتون هوما عبدين، قائلا انه لم يكن يعرف انه سيأتي يوم يشكره فيه.
واذ لا يتوانى ترامب عن تكرار شعاره الدائم “سنجعل اميركا عظيمة مرة اخرى”، في اشارة الى ما يفسره محللون بأنه يقصد “جعل اميركا بيضاء”، اي ان اصحاب اللون الأبيض فقط سيكونون او سيسودون فيها، يسابق الديمقراطيون الوقت، بمن فيهم الرئيس الأميركي بارك اوباما، لمحاولة استعادة المرحلة السابقة، والتي شهدت تقدما بفارق كبير لصالح مرشحة الحزب.
ولكن هذا التقدم ما لبث ان تحول الى تراجع بعيد قرار مدير جهاز “اف بي اي”، باثارة الموضوع قبيل الانتخابات بأيام، اذ اظهرت الاستطلاعات تراجعا لمرشحة الحزب الديمقراطي.
وفي هذا السياق اعتبر موقع “خمسمائة وثمان وثلاثون”، المعروف بنتائج توقعاته الدقيقة في الانتخابات الرئاسية، فان فرص نجاح كلينتون تراجعت الى 69.1 % مقابل
30.9 % لترامب، بعد ان كانت فرص نجاح كلينتون وصلت في 14 آب (اغسطس) الماضي الى نسبة قياسية، هي 89.2 %.
أما ما اظهره استطلاع رأي مشترك، اجرته محطة “اي بي سي نيوز” وصحيفة واشنطن، وتم نشره الثلاثاء الماضي، فهو ان “الذين ينوون انتخاب ترامب اظهروا حماسة اكبر لانتخابه، وبنسبة 53 %، في حين بلغت الحماسة لانتخاب كلينتون لدى مؤيديها 43 % فقط”.
وبينما شكل هذا الاستطلاع صدمة جديدة، وساهم في تعزيز مخاوف اوساط “الديمقراطيين والليبراليين والمثقفين” في الشارع الاميركي، فان مخاوف اخرى من ان يكون هناك ما يسمى بـ”الأصوات الخفية لترامب”، وهي ان بعض المستطلعة آراؤهم يخفون انهم سيصوتون للمرشح الجمهوري، بينما هم ينوون ذلك، ما قد يجعل عدد الاصوات لصالحه اعلى من المتوقع.
وبالعودة الى الدور الذي يقوم به الرئيس الأميركي في محاولة انجاح كلينتون، فهو يقوم بزيارات لعدة ولايات حاليا، قبيل حلول موعد الانتخابات الثلاثاء المقبل، مشجعا الجمهور على انتخاب هيلاري، ومحذرا في الوقت نفسه من نجاح ترامب.
وبعيد صمت استمر لأيام، تناول الرئيس الاميركي بايجاز، ولأول مرة في مقابلة صحفية، اعادة فتح التحقيق من قبل مكتب التحقيقات الفدرالي، بخصوص البريد الإلكتروني لكلينتون، وقال، في مقابلة نشرت الاربعاء، ان مكتب التحقيقات “لا يعمل اعتمادا على التلميحات”، مؤكدا انه لا يوجد أي دليل على أن المرشحة الديمقراطية للرئاسة انتهكت القانون.
ولا يلقى دعم اوباما والسيدة الأولى العلني لكلينتون، قبولا لدى الطرف الاخر بلا شك، وهو ما حدا بترامب الى دعوة اوباما الى التركيز على “ايجاد وظائف ومحاربة داعش”، بدلا من تركيزه على انجاح هيلاري، التي اتهمها باعداد خطة للاجئين تكلف 400 مليار دولار.
من الجدير ذكره ان اعادة توطين اكثر من عشرة آلاف لاجئ سوري في اميركا، والتي تمت هذا العام، وجدت انتقادا كبيرا من الجمهوريين وعلى رأسهم ترامب، الذي شكك بالقدرة على اجراء الفحوص الأمنية اللازمة لهؤلاء قبيل دخولهم البلاد، معتبرا ان هؤلاء سيكونون بمثابة “ارهابيين” احتضنتهم بلاده.
اما وسائل الاعلام الأميركية المقروءة والمسوعة والمكتوبة، فان امورا خارجية مثل الحرب في الموصل، تكاد لا تذكر، ويتم المرور عليها مرور الكرام، فيما تطغى اخبار وتحليلات ومقالات ومقابلات مختصة بالشأن الانتخابي على اي امور اخرى.
وبينما كان ترامب يشكك بنزاهة الانتخابات، معتبرا أن الديمقراطيين ينسجون خيوط مؤامرة لافشاله، نقلت صحيفة “الواشنطن بوست” قبل ايام، انه تم القاء القبض على احد المصوتين للمرشح الجمهوري، واطلاق سراحه بكفالة بتهمة الانتخاب مرتين وبورقتين مختلفتين، نظرا لأن مراكز الاقتراع فتحت ابوابها في بعض المدن والولايات فيما يسمى بالتصويت المبكر.
كما نقلت الصحيفة، التي يعتبرها ترامب، غير مهنية ومناصرة لكلينتون، حادثتين اخريين لمحاولات التصويت مرتين عن طريق ارسال بطاقة اقتراع عبر البريد العادي، ومن ثم التوجه شخصيا الى مراكز الاقتراع للتصويت، وفي كل الحالات كان المصوتون ينوون التصويت لترامب.