سياسيون: الملك يوجه تحذيرا جديا للإدارة الأميركية من نقل سفارتها للقدس

أجمع سياسيون على أن توجه إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب بنقل سفارة بلاده إلى القدس “يقلل كثيرا فرص قيام الدولة الفلسطينية المستقلة، ويشكل نهاية الطريق لعملية سلام شبه ميتة أصلاً”، فضلاً عن أنها تهدد بـ”تزايد حالات التطرف والعنف وانحسار التيار المنادي بالأفكار الوسطية التي تعمل عليها قوى الاعتدال في المنطقة”.

وشدد هؤلاء على أن جهود جلالة الملك عبدالله الثاني في كافة المحافل الدولية، خاصة زيارته الحالية للعاصمة واشنطن، ولقائه أركان الإدارة الأميركية، تأتي في ظل مساعي جلالته للتأكيد بأن نقل السفارة الأميركية للقدس “سيقوض عملية السلام ويشكل تغذية للإرهاب في كل مكان”.

وكان جلاله الملك حذر خلال لقاءات أجراها في العاصمة الأميركية واشنطن أول من أمس، مع رؤساء وأعضاء عدد من لجان مجلسي الشيوخ والنواب في الكونغرس، من أن نقل السفارة الأميركية إلى القدس، “من شأنه إلحاق آثار سلبية بجهود تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة، خصوصا في ظل ما للمدينة المقدسة من أهمية لدى الشعوب العربية والإسلامية”، مؤكدا جلالته أن مثل هذا القرار “سيغذي اليأس والغضب، وسيمكّن المتطرفين من نشر أفكارهم وأجنداتهم الظلامية”.

وفي هذا الصدد، بين وزير الخارجية الأسبق كامل أبو جابر، أن “تصريحات الملك عن أن نقل السفارة الأميركية للقدس يقوض عملية السلام، جاءت في مكانها وفي زمانها”، مبينا أن إسراع جلالته بزيارة الولايات المتحدة جاء “ليضع النقاط على الحروف، وليقول إن نقل السفارة سيغذي الإرهاب، سواء من القاعدة أو داعش أو أي كان مصدره”.

وأوضح أبو جابر أن تصريحات الملك جاءت “في وقتها، وفي اللحظة المناسبة التي يترأس فيها الولايات المتحدة رئيس أميركي جديد، لا يعرف خطورة نقل السفارة، ليس فقط على القدس، بل على العالم أجمع”.

وقال إن القدس “قبلة المسلمين الأولى والمسيحيين، وأن الأميركيين ينسون أن هناك مسيحيين في الشرق الأوسط، فكان لا بد لجلالة الملك أن يذكر العالم الغربي بأهمية القدس، وعليهم أن يعوا هذا الموقف من أن نقل السفارة سيؤجج العالم”.

بدوره، قال عميد كلية الأمير الحسين بن عبدالله الثاني للدراسات الدولية الدكتور عبدالله نقرش إن “الموقف الأردني من حيث المبدأ، كما جاء على لسان جلالة الملك، هو موقف دائم ويجب أن يبقى كذلك، ذلك أن حل الدولتين هو كما قال جلالته، يحقق بعض العدالة في هذا الصراع الوجودي بين الفلسطينيين كمواطنين أصليين في فلسطين من جهة، والإسرائيليين كمحتلين لهذه الأرض، ثبتهم الواقع الدولي”.

وأضاف: “هنا يكون حل الدولتين حلا سياسيا أكثر مما هو حل مبدئي، وهو ضمانة ممكنة للمحافظة على مكانة القدس عقائديا وتاريخيا، واستمرارا للولاية العربية الإسلامية عليها، والأردن هو أكثر الأطراف الدولية اختصاصا بها”.

وتابع نقرش: “كما أن القدس ليست فقط جزءا تاريخيا من الأرض العربية الفلسطينية ويربطنا بها الانتماء، وإنما لأنها مكان مقدس يرتبط بالوجدان نفسه، وقيض للأردن أن ينتهج سياسة واقعية معتدلة، ويعتبر هو الأولى بالعناية بالقدس، لا سيما وأن أي بدائل عن السياسة الأردنية وتوجهاتها، ستكون أميل إلى التطرف”.

من جهته، أكد وزير الأشغال العامة والإسكان الأسبق الدكتور محمد طالب عبيدات، أن جلالة الملك “يحمل الملف الفلسطيني كقضية عربية مركزية، ودور جلالته التاريخي معروف بحماية القدس والمقدسات الإسلامية والمسيحية”، مبينا أن “نقل السفارة الأميركية إلى القدس، سيؤجج إقليم الشرق الأوسط الملتهب أصلا، بحيث ستكون هناك صراعات وتحديات إقليمية جديدة”.

وأضاف عبيدات أن قضية القدس “تتداخل فيها ثلاثة أبعاد رئيسية: الأول البعد العربي، حيث إن القضية الفلسطينية هي القضية المركزية الأولى للعرب جميعا، خصوصا للمملكة، وثانيها إسلاميا حيث منظمة العالم الإسلامي ودولها، فضلا عن ملياري مسلم في أنحاء العالم كافة، سيثورون غضبا على هذا القرار الذي أشك أنه سيتم، بسبب الخوف من التداعيات عربيا وإسلاميا”.

وقال إن البعد الثالث “عالمي، حيث إن القوى العظمى والتحالفات الدولية التي اجتمعت على محاربة الإرهاب والتطرف، لن تقبل بذلك، بسبب ما قاله جلالة الملك من أن نقل السفارة سيفوت فرصة على العالم أجمع بالقضاء على الإرهاب والإرهابيين، الذين سيتخذون من القضية الفلسطينية والظلم الواقع على الفلسطينيين، ذريعة وسببا للعزف على وتر العدالة والظلم، وسيؤجج طريق الإرهاب كمسلك مناوئ لذلك”.

وقال إن “الملفات التي يحملها جلالة الملك “دائما ثقيلة، والأفكار التي يطرحها على العالم وقادته وخصوصا الإدارة الأميركية، فيها حل نموذجي، ورأيه يمثل الحكمة والصواب، ويشكل ناصحا أمينا لإدارة الرئيس ترامب، لغايات غض الطرف عن وعوده أثناء الانتخابات بخصوص نقل السفارة، مثل غيره من رؤساء سابقين نكثوا بوعودهم، بسبب التخوفات والنصائح التي أسداها جلالة الملك لدولة صديقة مثل الولايات المتحدة، وللمجتمع الدولي”.

ويمثل الحراك الأردني الذي يقوده جلالة الملك قبل القمة العربية المرتقبة “رأي الدول العربية والإسلامية، لأن نقل السفارة سيفوت احتمال قيام الدولة الفلسطينية المستقلة، لأن القدس هي عنوان الدولة الفلسطينية المستقلة”، بحسب عبيدات.

وأضاف: “كما أن نقل السفارة سيزيد من حالات التطرف والعنف، ويقلل من الأفكار الوسطية التي تعمل عليها قوى الاعتدال، وهذا الرأي مهم جدا كي تتوافق عملية السلام في المنطقة وتتزامن مع القضاء على الارهاب والتطرف في إقليم الشرق الأوسط والعالم”.

مقالات ذات الصلة