سديم قديسات، باحث أردني في علوم الوراثة والجينات اتخذ من مقولة “الصبر وقود الإتقان” نبراس حياة، فصبر وأتقن إختراعه الذي أهلّه ليتجاوز آلاف المشاركين في برنامج “نجوم العلوم” الذي تبثه قناة (إم بي سي)، ليحتل المركز الأول ويصل المرحلة النهائية مع ثلاثة متنافسين آخرين من الجزائر ولبنان والبحرين.
يقول قديسات لمراسل وكالة الأنباء الأردنية (بترا) في الدوحة حيث يجري الاستعداد لتصوير الحلقة النهائية من البرنامج في مرافق مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع، إنه رأى دمعة أم في دبي كانت تنتظر نتيجة تحليل إبنها المصاب بالسرطان في مركز الحسين للسرطان في عمان أثار في داخله حزنا وألما عميقا، فعقد العزم منذ ذلك الوقت على المساهمة بمقدرته وعلمه المتواضع في التخفيف من آلام تلك الأم ومن في مثل حالتها.
لم يكن سديم البالغ من العمر 28 عاما يفكر بالانسحاب من برنامج نجوم العلوم قبل سنتين عندما أبلغته لجنة التحكيم بأن ابتكاره غير قابل للتطوير خلال الفترة القصيرة للبرنامج؛ ويقول: “الانسحاب ليس من شيمي، لكني تقبلت قرار اللجنة بمزيد من الإصرار والإرادة للعودة مرة أخرى بعد استكمال اختراعي لأقدمه اليوم بالشكل الأمثل”.
وفي المقابلة التمهيدية مع أعضاء لجنة التحكيم التي يرأسها البروفيسور اللبناني فؤاد مراد المدير التنفيذي لمركز الإسكوا الإقليمي للتكنولوجيا، واجه سديم أسئلة صعبة ونقاشا مطولا ومتخصصا حول اختراعه، لكنه تصدى له بإيجابات علمية حازت إعجاب أعضاء اللجنة.
ليس تحقيق الفوز على المستوى الشخصي هو حافز سديم فقط، بل رغبته القوية في تحسين صحة المرضى من خلال تطوير القطاع الطبي.
يعرف سديم بين أفراد أسرته وأصدقائه بتصميمه ومثابرته وذاكرته الموسوعية، وقد استفاد من هذه المهارات في مضاعفة جهوده لتحسين اختراعه بعد رفض مشاركته في الموسم السادس.
وخلال هذه الفترة أيضاً، تقدّم سديم بخطوات واثقة في مسار حياته المهنية، فهو اليوم باحث طبي مؤهل للحصول على الدكتوراة، كما أنه خريج كلية علم الوراثة من مركز إم دي أندرسون لأمراض السرطان في جامعة تكساس، وحائز على العديد من الجوائز من معاهد مرموقة في الولايات المتحدة.
جينوميك (GenomiQ) هو اختراع سديم قديسات، الذي يأمل أن يمنحه الجائزة الأولى لبرنامج نجوم العلوم يوم السبت المقبل، حيث تبث آخر حلقات البرنامج، وذلك بعد أن حصد أعلى نسبة من علامات لجنة التحكيم في التصفيات النهائية خلال الحلقة السابقة والبالغة 92.4% مقابل 88.6% للجزائري عبد الرحيم بورويس، الذي حل في المركز الثاني باختراعه “قميص ذكي للمصابين بالتوحد”.
وبالإضافة إلى قديسات وبورويس، ستقتصر المنافسة في الحلقة النهائية على كل من البحريني غسان يوسف باختراعه “تقييم وتوثيق آلي لمباريات التايكواندو”، واللبناني سيفاك بابيكيان باختراعه “طابعة مكتبية ثلاثية الأبعاد”.
يتحدث قديسات عن اختراعه بثقة كبيرة، قائلا: “سيساعد ملايين الناس في تشخيص مرض العصر”. ويؤكد أن السرطان يبقى في النهاية مرض، ولكنه ليس كأي مرض، إلا أن تضافر جهود العلماء والباحثين يمكن أن يساعد في التخفيف من آلام المصابين بهذا المرض.
واختراع قديسات عبارة عن جهاز آلي يعمل على إسقاط العينات في المختبرات الجينية بالمستشفيات بشكل آلي، ما يوفر على المرضى الكثير من العناء والوقت والكلفة، متوقعا أن يعمل هذا الجهاز على تفادي كثير من المشاكل التي تواجهها الطرق اليدوية الحالية.
يضيف قديسات وتبدو على ملامحه ثقة الفوز: “الاختراع الذي عملت عليه سيكون متفوقا بمعايير الوقت والكلفة والجودة”.
خلال قيامه بالبحوث ضمن مستشفيات مدينة هيوستن في تكساس بالولايات المتحدة الأميركية حيث يعمل سديم، لاحظ بأن هناك مشاكل متكررة تحدث في مختبرات الفحص الجيني بسبب ضيق الوقت والاعتماد على آلية العمل اليدوي، موضحا أن الاختراع الذي عمل عليه يجعل هذه العملية آلية بالكامل، ويساعد في تقليل الأخطاء البشرية والتلوث العابر، فضلاً عن خفض التكاليف والمساهمة في رفع الكفاءة من حيث الوقت وتحسين النتائج وتقليل السلبية الخاطئة منها.
ويعبّر سديم خريج كلية الطب البشري من جامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية عن فخره بأن يكون ممثلا للشباب الأردني في برنامج نجوم العلوم.
وقال “الجامعات الأردنية قادرة على تخريج كفاءات عالية ومبدعة تبعث على الفخر”.
وعبر عن أمله بأن يحظى بدعم وتصويت كل النشامى ليصل اختراعه الى كل مستشفيات العالم، ليعرف العالم أن الاردن والعالم العربي لديه كفاءات وعقول كبيرة تستطيع أن تثبت قدرتها على الإبداع والابتكار.
وختم سديم حديثه بالقول “المفكرون والمخترعون العرب يتركون أثراً إيجابياً حول العالم، ومع ذلك، نحن بحاجة لإيجاد صلة اتصال بين الرواد المبدعين والموارد والخبرات اللازمة للاستفادة من هذا الإبداع، وهذا ما يقدمه برنامج نجوم العلوم، حيث لا حدود لإبداعك إلا سعة خيالك”.