لا يوجد حيوان في العالم أكثر وحشية من الانسان
أحزتني كثيرا هذه الصورة المؤثرة التي تناقلتها وسائل الإعلام الإسبانية، هي لصاحب ثور أحضره لحلبة مصارعة الثيران، وفي وسط الصراع بينما الثور ملطخ بالدماء من السيوف المغروسة على ظهره من قبل مصارعه في الحلبة، شاهد صاحبه على طرف الحلبة فانطلق اليه ظانا انه سيساعده وبطبيعته الفطرية قبل صاحبه قبلة وهو لا يدري أن صاحبه باعه ليستمتع المتفرجون بموته على الحلبة ؟!!.
والحقيقة التي يتهرب معظم بني البشر إنهم أكثر وحشية وشر حتي من الشيطان الرجيم، لأن ببساطة الشيطان يختصر دوره في الوساوس ولايتدخل في أفعالك ولك حق الإختيار، وحتي في هذا البشر لهم نصيب الأسد من الوساوس الأكثر بشاعة من الشيطان نفسه، بل يدفعونك بكل الحيل لتفعل هذا او ذاك، ولايتركون لك فرصة حتي للإختيار، ولايوجد مثال أقرب على ذلك من الإنسان “عدو نفسه” ؟!!.
والمفارقة المحيرة هي إن معظم المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها يؤمنون إيمانا قاطعا بأن المسلم يندم على ما كان سلف منه من المعاصي لو أن عبدا خر على وجهه من يوم ولد إلى أن يموت في طاعة الله لحقره يوم القيامة ولود أنه رد إلى الدنيا كيما يزداد من الأجر والثواب، ومع ذلك نري معظم المسلمين اليوم هم أعداء أنفسهم بأفعالهم ومستويات أخلاقياتهم المنحطة، هل هولاء المنوط بهم الخلافة في الأرض؟!!.
و وحشية الإنسان لاتعرف ديانة أو مذهب ولا حتي حدود، وخير دليل المعارك العنيفة التي يعيشها العالم اليوم، لاتوجد بقعة إلا ومزقتها الحرب، دفن آلاف الضحايا المدنيين من النساء والأطفال في مقابر جماعية «لماذا؟». ببساطة الأرض ورغم إتساعها ضيقة بما تحمل من بشر، وعدم قبول الآخر والوسيلة الوحيدة هي إزالتهم من وجه الأرض يورارهم الثري حتي يكونوا تحت أقدمهم في درجة مقززة من المهانة.
إن هذا السؤال الذي يحزّ في النفس يعكس مدى الألم والعذاب الذي يشعر به الناس عندما يواجهون ظروفا مأساوية لا قبل بها، تدمر منازلهم، تشردهم، تهجرهم، تسلبهم كرامتهم، بل تفقدهم حياتهم، وتبقى الإجابة على هذا السؤال حسرة في القلب، لأن الناس يريدون ان يعرفوا أولا لماذا تحلّ بهم مثل هذه المآسي من بني جلدتهم، قبل الخوض في مبررات وأهيه عن الأسباب من وراء قتلهم؟!!.
على جانب آخر من هذه الأرض الضيقة بما فيها، تتنوع مظاهر الحياة، أصبح للإنسان أكثر من نمط واحد للعيش، وهناك أكثر من وسيلة للرفاهية، فصار يختار و يتخير ويتشرط، بعدما كان يقبل و يهنأ، وإنتشرت الحاجة إلى الكماليات – التى هى أصلا أنماط مبتكرة من فظاعة هذا الإنسان، اصبح نمط الحياة يدعو للدهشة، وليس هذه الصورة وحدها ما تثير الحزن والألم لما وصل إليه الناس اليوم؟!!.
و لكن هناك بشر في هذه الأرض أصبحت غايتهم في الحياة هي الإسراف فى كماليات لا حاجة لهم فيها، يعيشون على إلتهام أصناف لا عدد لها من الاطعمة، بكميات لا حاجة لهم بها اصلا، و زاد الثراء و النماء و الشبع و النهم بالتباهي فيما بينهم بالموائد، وأقرب الناس منهم جوعي وعطشي يواجهون شبح الموت بسبب جرعة ماء او قطعة خبز، فهل يوجد فعلا حيوان أكثر وحشية من الإنسان، ربما أنا أقتنع ولكن “مين يقنع هندسة إبن أختي”