الشارع الأردنى . بين صرامه الجنون ، وإستبداد الجغرافيا !! … المحامي معاذ السرسي

الشارع الأردنى . بين صرامه الجنون ، وإستبداد الجغرافيا !!

لا تزال حُمى المكايدات والتجاذُبات والمُراهنات التى يتقنها بعنايه فائقه بارونات الفقه السياسى الصهيو اميركى وعرّابوه كما هى على أوجها وبذات النهج والوتيره التى أرادوها لنا منذ اللحظات الأولى لثورات الربيع العربى بُغيه تزييف وعى الأمه وتغييب ضميرها
بل وتفكيك آخر ما تبقى منها من حِزم وروابط أخلاقيه وعقديه ظلت عصيّه عليهم لفتراتٍ طويله
والعقل العربى بقالبه الرّتيب فى المقابل ما زال مُتشنجاً بل ومهووساً بفكرته الدُنجوانيه الحالمه عن ديمقراطيه النموذج الغربى وعدالته .
قابعاً خلف قناعاته فى مربع ما قبل الصفر .. منهمكاً فى البحث عن ثمّه حلول وبراهين ناجعه لكل معادلاته الصفريه التى تُملِيها عليه إراده العجز الوراثى العربى بلا هُدىً ولا هواده !!
فما من باحثٍ أو مثقف أو سياسى عربى واحد كان يجول بخاطره أو راقت له فكره أن الإداره الأميركيه الجديده برأسها الجمهورى المعتوه دونالد ترامب لن تكف مطلقاً عن محاولات تفخيخ البيت العربى بأثره وبكل كِياناته السياسيه الجامعه .. وبهذا الإيقاع الشديد والمُباغت !!
فبادرت بأُولى محاولاتها بدق إسفين فى خاصِره دول مجلس التعاون أو بالأحرى دول الأحضان الدافئه ! على الرغم من رحابه مظله مجلس التهاون !! الخليجى ككِيان سياسى هادئ ومنغلق على ذاته ومتجزّر فى قلب العقيده السياسيه العربيه الخليجيه
ورغم ارتفاع معدلات التنميه التى تشهده الدول الأعضاء به ورفاهيه شعوبها ما كان يستحيل على ألاداره الأميركيه الرهان أو التلاعب بهذه الورقه
ولم تُجدِ نفعاً سيوله سياسات تلك الدول وتناغمها مع محيطها العربى والإقليمى فقد تحقق لواشنطن ما أرادته لقطر
بعزلها عن حاضنتها العربيه الشقيقه بسياسه هى الألدُّ والأعنف والأخطر عن سابقتها عندما حوصرت مصر عربياً عقب توقيعها منفرده على معاهده السلام مع دول الكيان المُحتل
ما خلق لهذا الإداره أجواءً سانحهً للبدء فى فرض التغيُرات والرؤى والإملاءات على منطقه الشرق الأوسط الجديد .. كما أسمته أو دار فى مُخيّله الذئبه العجوز هيلارى كلينتون
وبمنطق طائش هو غايه فى الجنون .. غايه فى الصرامه أو بتعبير أشمل ( منطق الجنون الصارم أو صرامه الجنون ) !!
تجلّى ذلك بوضوح فى قرار نقل سفاره الكاوبوى لدى دوله الكيان المحتل من تل أبيب الى القدس .. ما يعنى تهويد المدينه والإجهاز بقوه على آخر بوادر الأمل لدى سلطه رام الله وذلك بإحراق ورقه التوت الأخيره التى يستر بها محمود عباس أبو مازن سوءآته دائماً أمام شعبه والتى تتمثل فى مبدأ إعلان الدوله الفلسطينيه من جانب واحد والشبيه بمطرقه الرأس فى يد المفاوض الفلسطينى والذى كان يناوئ به فى أغلب المنتديات والمحافل الدوليه بين الحين والآخر
كل ذلك يدور فى سياقات ما يسمى إعلاميا بصفقه القرن وفى أفلاك وبإحداثيات كانت غايه فى دقه التصويب
فقد نجحت إداره ترامب فعلياً فى تخدير العقل العربى فبدا أليفاً اكثر مما كان عليه ومن ثم بدا مُتقبلاً لفكره وضع جثمانه على طاوله الجراحات الإستئصاليه للعبث به وفق ما شاءته إراده مِشرط الجرّاح الأميركى العتيد !!
عدا أن الموقف السياسى الأخير للمملكه الأردنيه الهاشميه من صفقه القرن كان مُربكاً للجراح الأميركى الحاذق ومُخيباً لآمال كلِ من برفقته من مهندسى معامل الإستنساخ البيولوجى الجدد المكلفون رسمياً بوضع اللمسات الأخيره على بورتريه الكائن العربى المُستنسخ الجديد وإعداد الرمز التشفيرى لعقليته الوليده !!
فقد أفصحت سياسات جلاله الملك والعاهل الأردنى فى الآونه الأخيره إزاء موقفه المُتعقِل من قضيه حصار قطر وما يوازيها من قضايا شائكه سيما فيما يتعلق بالشأن الفلسطينى
وبصفقه القرن على وجه التحديد ورفضه البات لكل سياقاتها ما ينبئ عن قياده تمتلك من التوازن والرؤى الثاقبه والرُشد السياسى ما يستأهل وضع هذه القياده فى الرأس الأميركى للبحث عن السُبُل الكفيله بعرقلته
رغم ما تعانيه السياسات العربيه الآنيه من انكسارات فى الممر وتهدّم بالغ فى جسور الثقه بين الأشقاء وما كانت تفضى اليه فى سابق عهدها الى تفاهمات عربيه خالصه باتت حرثاً فى الماء أو درباً من الخيال !
وما قد يُفسر موقف جلالته حِيال صفقه القرن التى يتم الترويج لها على أغلب منابر الأنظمه العربيه وعبر أبواقها الإعلاميه الرسميه بكل أسف وبلا مواربه وما يتخللها من مصطلحات جديده ك ( التطبيع _ التهجير القسرى _ الوطن البديل _ الإرث اليهودى _ التعايش السلمى ) وما شابه ذلك من مصطلحات كانت وستظل غريبه على الشارع السياسى وعلى مسامع الجماهير العربيه قاطبهً
كونها ظلت تشكل طيفاً شديد القتامه ناهيك عن رهبته كجريمه أخلاقيه فضلاً عن كونها من أخطر جرائم الرده السياسيه !! منذ طلائع القرن المنصرم إلى وقتنا هذا
فقد إستبدت بجلالته عناصر الجغرافيا .. ونازعته فيها ثوابت التاريخ كون الأردن وفلسطين إمتداداً جغرافياً واحداً .. تتماهى فيهما عناصر الديموجرافيا السياسيه بشكلٍ غير مسبوق وما يخوضه الأردن من معارك طاحنه ضد النزعات المريضه والنعرات الزائفه كى تظل شئون المقدسات الإسلاميه والمسيحيه فى القدس تحت وصايته لئلا تنتقل الى مملكه وكلاء الرب كما يتوهمون خيرُ مثالٍ على قلب الملك النابض بعروبه القدس ومقدساتها
فجاءت ما شهدته عموم أجواء المملكه فى الأيام القليله الماضيه من إحتجاجات شعبيه واسعه النطاق بغض النظر عن بواعث تلك الإحتجاجات أو مدى مشروعيتها وفى هذا الظرف التاريخى الدقيق والعصيب بمثابه رداً صريحاً ومباشراً من الإداره الأميركيه على جلاله الملك ولكن بلسانٍ عربىٍ خالص وهو لسان الشعب الأردنى وهو مازال كغيرهِ من الشعوب العربيه مُفتقداً لثقافه الإحتجاج .. وبطريقهٍ كانت لن تُحمد عُقباها لولا القياده الرشيده التى مازالت تسبح ضد أعتى التيارات العربيه الجارفه والمستمرءه على السير فى رِكاب الجنون الصارم لدونالد ترامب غير عابئهٍ أو مُكترثهٍ بقيم الأصاله أو نوازع التاريخ أو إستبداد الجغرافيا !!
بقلم / معاذ السرسى

مقالات ذات الصلة